*فادي السمردلي يكتب: أبطال الافلام الهندية …خيال وأساطير*

*بقلم فادي زواد السمردلي* …. 

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

(الأفلام والمسلسلات الهندية تميل إلى المبالغة في الخيال والأساطير، وهو ما يرتبط بالعقلية التي تفضل الخرافات أحيانًا على الوقائع التاريخية).

تعتبر الأفلام والمسلسلات الهندية من أكثر الأعمال الفنية التي تتميز بالمبالغة في الخيال والأساطير، حيث غالبًا ما تتضمن أحداثًا غير واقعية تتخطى حدود المنطق والعقل وتركز هذه الأعمال على تصوير أبطال خرافيين يتمتعون بقدرات غير محدودة أو تمزج بين الواقع والخيال في قصص تقدم نظرة مثالية وغالبًا ما تكون غير قابلة للتحقق فهذا النوع من الفن يعكس جانبًا من العقلية التي تتمسك بالأساطير والخرافات وتعتبرها جزءًا من الهوية الثقافية وفي الواقع، تُعتبر هذه الأساطير جزءًا لا يتجزأ من التنشئة الثقافية، إذ تُنقل عبر الأجيال وتُستخدم لتفسير الظواهر الطبيعية والاجتماعية وبينما يظل هذا النوع من الأعمال الفنية جزءًا من إبداع الثقافة الشعبية، فإنه يثير تساؤلات حول تأثيره في الواقع، خاصة عندما يُسقط على القيادة والإدارة في العمل العام والمنظمات والهيئات المدنية.

إن المبالغة في الخيال والأساطير في الأفلام الهندية ليست مجرد ظاهرة فنية، بل هي انعكاس لنمط تفكير قد يتبناه البعض في الحياة الواقعية وفي الكثير من الأحيان، نجد بعض القيادات في المنظمات والهيئات العامة والجمعيات….الخ يفضلون الخرافات والتصورات المثالية حول أنفسهم أو حول ما يمكنهم تحقيقه مثل أبطال الأفلام الهندية الذين يمتلكون قوى غير محدودة، لدرجة انها قد تصل الى أن تحي اموات ويعتقد هؤلاء القادة أنهم قادرين على تحقيق أي شيء، بغض النظر عن التحديات أو الواقع الذي يواجههم وقد يظنون أنهم يمتلكون القدرة على تجاوز العقبات أو تحقيق أهداف صعبة من خلال “قوة الإرادة” أو “المصير” أو “المهارات الاستثنائية” التي لا تتماشى دائمًا مع الحقيقة أو مع الموارد المتاحة لهم.

هذه الظاهرة قد تؤدي إلى تأثيرات سلبية على أداء هؤلاء القادة وعلى القرارات التي قد يتخذها القائد استنادًا إلى تصورات غير واقعية حول ما يمكن تحقيقه وهذا النوع من التفكير قد يجعلهم يبالغون في تقدير قدراتهم أو يحاولون تنفيذ استراتيجيات غير عملية أو غير مدروسة بشكل جيد فعلى سبيل المثال، قد يظن بعض القادة أن بمجرد وصولهم إلى المناصب العليا في مؤسستهم أو منظمتهم سينسى الناس فشلهم.

علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي هذا التوجه إلى نوع من “الانعزال الإداري” فعندما يسيطر الخيال على القيادة، يصبح من الصعب على القائد التفاعل بشكل واقعي مع التحديات التي يواجهها فريقه أو المنظمة ككل فعلى سبيل المثال، القائد الذي يعتقد أن كل شيء يمكن تحقيقه بسهولة قد يفشل في تحديد المخاطر أو التحديات الواقعية التي يجب معالجتها بشكل جاد وهذا يمكن أن يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة أو الإفراط في التفاؤل، مما يعرّض المنظمة لمخاطر غير ضرورية.

من جهة أخرى، يمكن أن يؤثر هذا الفكر الخيالي في علاقة القائد مع مرؤوسيه فعندما يكون القائد متأثرا بهذه التصورات المبالغ فيها حول نفسه أو حول ما يستطيع إنجازه، قد يظهر للآخرين كأنه غير متصل بالواقع أو غير قادر على تقدير الإمكانيات المتاحة له وهذا قد يؤدي إلى فقدان الثقة بين القائد وفرق العمل، حيث يشعر الأعضاء أن قائدهم لا يقدر حجم التحديات أو لا يتعامل مع الحقائق بشكل واقعي.

من المهم أن تتسم القيادة بواقعية تامة في التعامل مع الأزمات والفرص على حد سواء وفي حين أن الإبداع والخيال عنصران مهمان في بعض جوانب القيادة، إلا أن تجاوز حدود الواقع يمكن أن يكون ضارًا فالقائد الفعّال هو الذي يستطيع أن يوازن بين الرؤية الطموحة والقدرة على التكيف مع الواقع، مع استخدام الأدوات والموارد المتاحة لتحقيق الأهداف لذا، يجب على القيادات في المنظمات أن تكون مدفوعة بالحقائق والتخطيط المدروس، لا بالخرافات أو التصورات المبالغ فيها التي قد تخلق فجوة بين الطموحات والقدرات الحقيقية.

في النهاية، لا يمكن إنكار أن الخيال والأساطير تحمل طابعًا ثقافيًا وفنيًا جذابًا، لكنها في سياقات القيادة والإدارة ستؤدي إلى تباين بين الحلم والواقع فحينما يصبح الخيال هو الدافع الأساسي لاتخاذ القرارات، فإن ذلك قد يعرّض المنظمات والهيئات العامة إلى قرارات غير مدروسة قد تؤثر سلبًا على نجاحها واستدامتها لذا على هذه النوعية من القادة أن تصحوا من الوهم وخيال الأساطير.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.