*فادي السمردلي يكتب:سؤال برسم الإجابة*
*بقلم: فادي زواد السمردلي* …..
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
نعم، هو سؤال برسم الإجابة هل هذا هو العمل الحزبي المطلوب؟
الأحزاب السياسية وُجدت لتكون أداة أساسية تُترجم تطلعات المواطن إلى سياسات وبرامج ملموسة، تُسهم في تعزيز رفاهيته ومع ذلك، فإن واقع الأحزاب، خصوصًا في المشهد البرلماني، لا يرقى إلى هذا الهدف فما نراه اليوم هو حالة من الارتباك،في آليات عملها وطريقة تفاعلها مع القضايا الكبرى فعندما تصل الأمور إلى جلسات حاسمة تحت قبة البرلمان، مثل منح الثقة للحكومات أو مناقشة الموازنات العامة، نجد أن التنسيق الحزبي الذي يُفترض أن يكون أساس العمل الجماعي يتلاشى أمام مشهد خطابي فردي.
كل حزب يبدأ بخطاب يعبر عن رؤيته تجاه القضايا المطروحة، ولكن سرعان ما يتحول المشهد إلى سباق فردي بين الأعضاء خطابات ومداخلات لتسجيل نقاط شخصية وهذا التخبط يعكس أزمة عميقة في البنية الداخلية للأحزاب، حيث يغيب الحوار، ويضعف الالتزام بقرارات الأغلبية، مما يؤدي إلى تفكك الصورة العامة للحزب أمام الرأي العام.
ما يحدث تحت قبة البرلمان هو مرآة تعكس ما يدور داخل الأحزاب فالأحزاب، التي يُفترض أن تكون مؤسسات منظمة تعمل ضمن أطر ديمقراطية تضمن التوافق والتنوع، تبدو كأنها منصات فردية تسعى للظهور أكثر مما تسعى لتحقيق أهدافها الجماعية وهذا الأداء لا يضعف فقط مصداقية الحزب أمام الناخبين، بل يضر بالصورة العامة للعمل السياسي ككل.
العمل الحزبي الحقيقي يحتاج إلى أدوات تنظيمية تضمن الانضباط الداخلي، وهو ما يفتقده الكثير من الأحزاب اليوم فغياب الآليات الواضحة للحوار الداخلي، وعدم الالتزام بقرارات الأغلبية، يؤدي إلى خطاب متضارب يعكس الفوضى بدلًا من القوة وهنا، يصبح المواطن هو الضحية الأكبر، حيث يجد نفسه أمام أحزاب تفتقر إلى الجدية في معالجة مشاكله وهمومه.
المواطن الذي يُفترض أن يكون هو الهدف الأساسي لأي حزب سياسي، لا تعنيه الخطابات الرنانة ولا المبارزات الكلامية داخل البرلمان فما يبحث عنه المواطن بسيط وواضح يريد سياسات تعالج أزماته الاقتصادية، وخطط توفر فرص عمل، وتطوير للخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم ومع ذلك، يجد نفسه في دائرة من الوعود التي لا تُترجم إلى أفعال، مما يزيد من شعوره بالإحباط ويفاقم أزمة الثقة بينه وبين الأحزاب السياسية.
عندما يغيب التركيز على القضايا الحقيقية، يصبح المواطن شاهدًا على استعراضات حزبية لا تقدم له سوى المزيد من الإحباط والتوتر والقلق حول مستقبله فالية العمل هذه لا تضعف فقط الأحزاب أمام الناخبين، لكنها تعرقل أيضًا العملية السياسية برمتها، مما يجعل من الصعب تحقيق أي تقدم حقيقي على أرض الواقع.
الإصلاح الحقيقي يبدأ من الداخل فالأحزاب تحتاج إلى إعادة صياغة بنيتها التنظيمية، بحيث تصبح مؤسسة ديمقراطية تعكس تعددية الرأي وتلتزم بقرارات الأغلبية فهذه البنية الداخلية لا تقتصر فقط على وضع قوانين أو لوائح، بل تمتد إلى بناء ثقافة حزبية تُشجع على الحوار والتفاهم وتضع المصلحة الجماعية فوق المصالح الفردية.
بناء ثقافة حزبية متماسكة يعني تقديم خطاب موحد يعكس رؤية الحزب ومواقفه بشكل واضح ومقنع وهذا لا يعني قمع التنوع الداخلي، بل إدارته بحكمة ليصب في مصلحة الهدف الأكبر فعندما تنجح الأحزاب في تحقيق هذا التوازن، ستكتسب ثقة المواطن، وستكون قادرة على لعب دورها كوسيط فعال بين الشعب والدولة.
الأحزاب ليس عليها أن تكون منصات خطابية، بل يجب أن تكون محركات للإصلاح والتنمية فإذا استمر الأداء الحزبي الحالي، فإنها ستفقد دورها شيئا فشيئا كأداة لتحقيق التغيير الإيجابي، وستتحول إلى كيانات لا تأثير لها في المشهد السياسي فالمطلوب اليوم أن تتبنى الأحزاب نهجًا جديدًا يقوم على الانضباط، والعمل الجماعي، والتركيز على القضايا الحقيقية التي تهم المواطن.
وفي النهاية، يظل السؤال مفتوحًا هل هذا هو العمل الحزبي المطلوب؟ هل يمكن للأحزاب أن تنتقل من حالة التنافس الفردي إلى نموذج العمل الجماعي المنظم؟ فالإجابة على هذا الأسئلة لن تحدد فقط مصير الأحزاب، بل ستؤثر أيضًا على قدرة العملية السياسية برمتها على تلبية تطلعات الشعب وبناء وطنٍ مزدهر.
الإجابة ليست رفاهية، بل هي شرط أساسي لبناء مستقبل أفضل، يتطلب شجاعة في الاعتراف بالتحديات، ورؤية واضحة للإصلاح، والتزامًا حقيقيًا بتحقيق مصالح المواطن فوق أي اعتبارات أخرى.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.