صرف الموظفين يثير جدلاً في سوريا … والحكومة الجديدة: أعداد المسجلين أعلى بكثير من الواقع

شبكة الشرق الأوسط نيوز : أثار فصل حكومة تصريف الأعمال في سوريا، موظفين من المؤسسات الحكومية، جدلاً كبيراً، في حين تعتبر السلطات الجديدة أنها تسعى لإعادة الهيكلة الوظيفية، لمعالجة الترهل في المؤسسات الحكومية» مؤكدة أن «أعداد العاملين المسجلين في الجهات العامة أكبر بكثير من الأعداد الفعلية على أرض الواقع».
وانعكس رفض الخطوة، بتظاهرات في أكثر من مدينة، وتفاقم الأمر بعد منح الكثير منهم، من مختلف القطاعات، إجازات مأجورة لمدة ثلاثة أشهر يتم خلالها إعادة تقييم أوضاعهم، ما أثار مخاوف من احتمال صرفهم أيضاً بعد انتهاء المدة المحددة.
وأعلن معتصمون من موظفي وموظفات معمل الأحذية في السويداء استمرار احتجاجاتهم التي بدأوها الخميس الماضي، على قرار وصفوه بـ«التعسفي» قضى بإنهاء عملهم وفق عقود سنوية، لنحو سبعين عاملا، معظمهم تجاوزت سنوات خدمتهم ما بين أكثر من عشر سنوات حتى 25 سنة.
وأكدوا على استمرار احتجاجاتهم إلى حين تتراجع حكومة تسيير الأعمال عن قرار فصلهم، وهو الأمر الذي أعلن موفد القيادة الجديدة لمتابعة شؤون محافظة السويداء، مصطفى بكور، أنه سيعمل عليه مع رئيس حكومة تسيير الأعمال، محمد البشير.
اعتصامات عمال أحذية السويداء، في ساحة الكرامة، سبقتها اعتصامات مماثلة لعمال من القطاع الصحي في مدينة طرطوس لذات الأسباب، حيث منح هؤلاء إجازة مدفوعة الأجر لمدة ثلاثة أشهر تمهيداً لفصلهم حسب اعتقاداتهم.
وترافقت أيضا مع قرارات أخرى نشرتها صفحات رسمية منها قرار لوزارة العدل تضمن فصل العشرات من العاملين في عدلية حلب مع «منحهم تعويضاً مالياً يوازي أجر 3 أشهر وفقاً للأجور النافذة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي» حسب ما جاء في نص القرار.

الحكومة لا تملك عصا سحرية

وعلى الرغم من تصريح سابق لوزير المالية في حكومة تسيير الأعمال محمد أبازيد أن «المدنيين العاملين في مؤسسات الدولة سيتابعون عملهم كالمعتاد» إلا أن الأمر ذهب في اتجاه الإعلان عن فصل 300 ألف موظف حكومي.
وقال في تصريحات نقلتها قناة «الجزيرة» الأربعاء الماضي إن «الحكومة تواجه تحديات اقتصادية كبيرة، ولا تملك عصا سحرية لحل مشكلات سوريا الاقتصادية».

مصدر لـ«القدس العربي»: البطالة المقنعة والترهل الإداري آفتان موروثتان من الأسد

وذكر أن الإدارة الجديدة «تسعى لإعادة الهيكلة الوظيفية، لمعالجة الترهل في المؤسسات الحكومية» موضحاً أنه «لا توجد أرقام حقيقية للموظفين، والواقع يشير إلى وجود نحو 900 ألف موظف» بعد أن كان قد أعلن في تصريح سابق لوكالة «سانا» أن «أعداد العاملين المسجلين في الدولة يبلغ مليون وربع مليون شخص».
وأوضح أن «الزيادة على الرواتب والأجور بنسبة 400 بالمئة وفقاً لتوجيهات قيادة الإدارة السورية الجديدة كان من المقرر صرفها مطلع كانون الثاني/ يناير الجاري، ولكن فوجئت الحكومة أن أعداد العاملين المسجلين في الجهات العامة أكبر بكثير من الأعداد الفعلية على أرض الواقع».
وتابع: «إضافة للخلل بالقوائم المالية، هناك أسماء وهمية لأشخاص يتقاضون رواتبهم من المنزل دون أن يسجلوا دواماً فعلياً في مديرياتهم، نتيجة اتباع النظام البائد سياسة الواسطات والمحسوبيات».
وفي تصريحات خاصة لـ«القدس العربي» من وزارة المالية عن حقيقة فصل الكثير من الموظفين أكد مكتب العلاقات العامة والإعلام في الوزارة أن «فصل 300 ألف موظف كان بعد تدقيق قوائم الموظفين وكشف حالات تزوير وترهل ووجود أسماء لا عمل لها داخل الوزارات أو مديرياتها الفرعية». وحول الموظفين الذين تم منحهم إجازة مأجورة لمدة ثلاثة أشهر، فإن التطمينات الحكومية من أكثر من جهة أوضحت أنه «سيتم إعادة تقيم وضعهم من جديد وخصوصاً في قطاع الصحة الذي وحسب المصادر الحكومية، تم فيه الكشف عن الكثير من حالات الترهل الإداري».

ارتفاع البطالة

وأثار الإعلان عن فصل أعداد من موظفي الدولة، تخوفات من ارتفاع معدلات البطالة وخصوصاً أنها ترافقت مع غموض مصير عشرات الآلاف من عناصر الجيش والأجهزة الأمنية وسلك وزارة الداخلية وحتى من بين الذين أجروا عمليات تسوية، مع توجه الإدارة الجديدة لاستبدال هؤلاء بعناصر، إما من غرفة العمليات العسكرية أو عبر فتح باب التطوع في سلك جهاز الأمن الداخلي في العديد من المحافظات السورية.
في تصريح خاص لـ«القدس العربي» ذكر مصدر مختص كان من ضمن الفريق الفني في الاتحاد العام لنقابات العمال، فضل عدم الكشف عن هويته، أن فصل 300 ألف موظف من القطاع العام من الممكن أن يرفع البطالة في سوريا من 25 في المئة حالياً إلى 35 في المئة، معتبراً أن «عدد المسرحين من الجيش والشرطة سوف يزيد بكل تأكيد من ارتفاع نسبة البطالة».
وشدد على ضرورة تشجيع المشاريع الصغيرة بهدف السماح لهؤلاء المفصولين بتكوين مشاريعهم الخاصة وما يخفف لاحقاً في عدم الاعتماد على الوظيفة العامة.

تضخم موروث

واعتبر المصدر أن البطالة المقنعة والترهل الإداري والتضخم في وظائف القطاع العام، هي آفات موروثة من عهد النظام الساقط وحاول إيجاد صيغة للحل لها عبر مشروع الإصلاح الإداري من خلال تقييم عمل الوزارات والمؤسسات إلا أن هذا المشروع لم ينجح وانحرف عن مساره ولأسباب عدة أهمها تعدد طرق التوظيف في القطاع العام سواء عبر مسابقات مركزية أو عقود وغيرها من هذه الطرق».
وبين أن «العمالة في سوريا موزعة ما بين 25 في المئة في القطاع الخاص و75 في المئة في القطاع العام، وأن عدد العاملين في القطاع العام الاقتصادي والإنتاجي حوالي 70 ألف فقط، أما القسم الأكبر فيعمل في القطاع الإداري والخدمي وهذه مشكلة كبيرة».
وشدد المصدر على «ضرورة إعادة النظر في دور الوظيفة العامة والتركيز على دورها في عملية الإنتاج أكثر من التركيز على الأعداد حتى لا يتم تكرار الأخطاء الماضية وإيجاد ترهل في القطاع العام» مشدداً على «ضرورة التركيز على القطاع الاقتصادي باعتبار هو الرافعة للاقتصاد الوطني».

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.