التنافس الأمريكي – الصيني في مجال الذكاء الأصطناعي

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات …..

 

جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه كلف أمس رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان بتشكيل ورئاسة مجلس وطني لتكنولوجيا المستقبل، وبمتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير حسين ولي العهد المفدى، حيث يهدف تشكيل المجلس إلى تعزيز مكانة الأردن كدولة متقدمة تكنولوجياً تتمتع بأقتصاد رقمي متطور ومزدهر، خصوصاً في ظل التنافسية العالمية بين أمريكا والصين لتبني إستخدام التكنولوجيا الحديثه، رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه لم تأتي من فراغ لتشكيل هذا المجلس إلا لمتابعته الحثيثه لما يجري من حولنا وفي العالم.
أن الصين تفترض بأنها تقف على قدم مساواة جيوسياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية في عالم ثنائي القطب، وبالنسبة إلى بكين يُعد تطوير الذكاء الأصطناعي السبيل للحفاظ على التكافؤ مع واشنطن والعلاج لتحدياتها الإقتصادية الداخلية، إذ تحوز الصين مجموعة من نقاط القوة تشمل تأثير حجم سكانها وصناعاتها الضخمة مما يعطيها خزاناً هائلاً من البيانات تستطيع الإغتراف منه في تدريب نماذجها للذكاء الأصطناعي، وفرصة لريادة تطبيقات الذكاء الأصطناعي المخصصة للصناعة، وبفضل عدد كبير من الموظفين المستعدين للعمل ساعات طويلة تتنافس شركات التكنولوجيا الصينية الكبرى مثل علي بابا وبايدو وديب سيك إى وهواوي وتينسنت مع نظيراتها الأميركية في تطوير نماذج اللغة الكبيرة والبنية التحتية السحابية، وكذلك رصدت الصين مصادر ضخمة لمصلحة مواءمة توليد الطاقة المخصصة لمراكز البيانات، مع ملاحظة أنها باتت الآن القوة الأسرع تطوراً في العالم ضمن مجال توليد ذلك النوع من الطاقة، وتراهن بكين على أن التمويل الكبير للصناعات القائمة على الذكاء الأصطناعي سيؤتي ثماره مستقبلاً، بخاصة إذا دفعت القيود الأميركية المفرطة في التجارة والتكنولوجيا شركاءها بعيداً، مما يؤدي إلى التقارب مع الصين ويفتح أسواقاً جديدة للتكنولوجيا الصينية، ومن منظور الصين يُعد هذا النهج أفضل وربما الوحيد للحد من التباطؤ الإقتصادي الأخير وتجنب الخضوع للولايات المتحدة الأمريكية، وفي المقابل تواجه الصين نقاط ضعف كثيرة أبرزها تلك الموجودة في قدرتها على تطوير المعدات والأجهزة اللازمة لأحتفاظها بالقدرة على منافسة الولايات المتحدة الأمريكية، وفي المقابل يدأب أختصاصيو التكنولوجيا الأميركيون على صنع رقاقات الذكاء الأصطناعي بشكل متزايد الكفاءة، وكذلك الحال بالنسبة إلى آليات صنع نماذج الذكاء الأصطناعي، وهناك شعور سائد في واشنطن وبكين ومقار قيادية عالمية أخرى بأن سباق الذكاء الأصطناعي قد شرع في التحول إلى لعبة صفرية، المحصلة فوز المنتصر هو بمقدار الخسارة ألتى يمنى بها الطرف المهزوم، وأن بقية القرن الحالي سيكون على هيئة المنتصر ورؤيته، ويغذي هذا الشعور سياسات صناعية طموحة وتشريعات تنظيمية وقائية وتوظيفات بمليارات الدولارات، وفي المقابل يتسارع خفق خطى الحكومات والشركات الخاصة بهدف تحقيق الهيمنة في الذكاء الأصطناعي، لكن لا يملك أي طرف رؤية واضحة عن معنى الفوز أو ماهية المكاسب الجيوسياسية ألتي ستعود بها أستثماراتهم في تلك التكنولوجيا، كما أن هناك رهانات على المحك تتخطى تحقيق الهيمنة في الحوسبة، وتخوض أمريكا والصين وقوى متوسطة والشركات العملاقة في التكنولوجيا، صراعاً على الهيمنة في الذكاء الأصطناعي، لكنه في الأساس منافسة هدفها فرض سيطرة رؤية لأحد تلك الأطراف على النظام العالمي برمته، وترى أمريكا بأن الذكاء الأصطناعي يشكل الحدود الجديدة ألتى يجب إبقاء هيمنتها وسيطرتها عليها، ويدأب صناع السياسة الأميركيون على إستعمال ترسانة من التشريعات التنظيمة بهدف إعاقة التطور التكنولوجي للصين، وإبقاء بلادهم متقدمة عليها، وفي المقابل تعمل الصين على تحشيد قوى الدولة بهدف تجاوز الفجوة التقنية ألتي تفصلها عن أميركا، وفي الوقت نفسه تجهد مجموعة من القوى المتوسطة الحجم دولياً في محاولة تجنب الوقوع تحت ظلال أي من القوتين العظمتين، وكذلك الحال بالنسبة إلى الشركات التكنولوجية العملاقة ألتى تكرس جهودها لتحقيق الأنتشار العالمي للتقنية عبر الأسواق المفتوحة، وترى تلك الأطراف الأخيرة أن تطور الذكاء الأصطناعي يمهد الطريق أمام ظهور عالم متعدد الأقطاب، وبالفعل ثمة كرة ثلج متدحرجة آخذة في التعاظم بأثر من الضوابط التكنولوجية الأميركية لمنع أنتقالها إلى منافستها الأبرز والأستجابة المتصاعدة للصين في مواجهتها، إذ تعقد الولايات المتحدة الأمريكية العزم على إستدامة هيمنتها وتفوقها في التكنولوجيا، وباتت تلجأ إلى إجراءات أكثر شراسة لخنق تطور الصين في الذكاء الأصطناعي، وفي المقابل ستسعى الصين القلقة على تصيد الفرص إلى التوازن مع تلك الإجراءات، بما في ذلك إحتمال كامن بالتحرك في نقاط أمنية واضحة كمضيق تايوان، وفي السياق نفسه ستكافح القوى المتوسطة وشركات التكنولوجيا العملاقة بضراوة بهدف بناء أنظمة اللذكاء الأصطناعي وتطبيقاته خارج أطر سيطرة القوى الكبرى المتنافسة، وتسارعت تلك الأطراف إلى الحصول على نصيب ما في النظام التكنولوجي الدولي حتى لو تطلب الأمر مخاطرتها بتلقي النيران من الطرفين المتصارعين، وفيما ينحو السباق الدولي في الذكاء الأصطناعي نحو إتخاذ هيئة الصراع الوجودي، فإن الرهانات المرتفعة لعملاقة التكنولوجيا والقوى الدولية قد تؤدي إلى حريق في الجغرافيا السياسية، وترسي أمريكا إستراتيجيتها في الذكاء الأصطناعي على فرضية مفادها أنها تستطيع بصورة هجومية الأحتفاظ بهيمنتها وتفوقها عبر المثابرة على معدل من الإبتكار التقني يفوق بأشواط عدة بقية العالم، ومن الناحية الدفاعية تحقق ذلك على ضوابط واسعة المدى على التكنولوجيا تستهدف إعاقة مسار الصين ألتي تشكل منافستها الجيوسياسية الأضخم، ويجري تصميم ضوابط التصدير والقيود على الإستثمار بهدف إيقاف تدفق البضائع ورؤوس الأموال والمعارف التقنية، وتفترض إستراتيجية واشنطن أن الصين تعاني تدهوراً بنيوياً في الإقتصاد، إضافة إلى كون مقاربتها المستندة إلى قوة الدولة بمعنى الإمساك بالتطور التقني والأقتصادي سيخنق روحية التوثب في إقتصاد واقع بالفعل تحت رحمة الحزب الشيوعي وسكرتيره العام شي جينبينغ، وكذلك تعقد الولايات المتحدة الأمريكية رهاناً ضخماً على تنافسية التكنولوجيا الأميركية ومدى ثباتها ومثابرتها، وكذلك تراهن واشنطن على أن شركاءها الذين قد يقاومون الأنضواء تحت راية إستراتيجيتها الحمائية سيضطرون في نهاية المطاف إلى وضع رهاناتهم على التكنولوجيا الأميركية ووعود الإبتكار الغربية في الذكاء الأصطناعي، بأكثر من المراهنة على أن تستطيع الصين إغلاق الفجوة التقنية مع أميركا والتفلت من العقوبات الأميركية، وبالنتيجة تهيمن التكنولوجيا الأميركية وحقوقها في الملكية الفكرية على كل مستويات صناعة الذكاء الأصطناعي في العالم، وتعمل مسرعات الذكاء الأصطناعي في الرقاقات الإلكترونية ألتي تنتجها شركة إنفيديا على زيادة قدرات الحوسبة في تلك المنتجات بما يفوق منافساتها بأشواط واسعة، وبالتالي فإنها تقود ثورة الذكاء الأصطناعي وكذلك تعمل الشركات الأميركية ألتى تقدم خدمات تقنية حوسبة السحاب مثل خدمات أمازون الشبكية ومنصة آزور ومنصة غوغل السحابية لاتفورم على توفير إنتشار كثيف وواسع للبنى التحتية الرقمية ومصادر الحوسبة، وعلى نحو مماثل طورت شركات مثل غوغل وميتا وأوبن إيه آي، وآنثروبيك وإكس إيه آي الأسس لنماذج الذكاء الأصطناعي الذي ستعتمد عليه الشركات في كل العالم بهدف تطوير وتحسين تطبيقات الذكاء الأصطناعي لديها، وفي المرحلة الحالية الباكرة من تطور الذكاء الأصطناعي تحوز أمريكا الموقع المتفرد فيه، واستكمالاً لا تملك سوى حفنة صغيرة من الشركات خارج الولايات المتحدة الأمريكية ما تحوزه المؤسسات الأميركية في النماذج الكبرى للذكاء الأصطناعي إى موديلس، خصوصاً النوع التوليدي منه عينيراتيفي إى الذي يستعمل تقنيات التعرف إلى الأنماط في البيانات المتوافرة لديه كي تكون منه محتوى جديداً، مع ما يتطلبه ذلك من حيازة قدرات ضخمة في الحوسبة وامتلاك كميات هائلة من البيانات، ويفرض ذلك الإيقاع الأميركي على الشركات الريادية الصينية تخصيص جهود إضافية مع مصادر ضخمة كي لا تحقق سوى مجرد أستمرارية القدرة على إنتاج الرقاقات، فيما يفضي تشديد الضوابط الأميركية إلى تقليص وصول تلك الشركات إلى المكونات الأساس اللازمة في صناعة التكنولوجيا، وستؤول تلك الجهود الإضافية المبذولة إلى وضع صعوبات في وجه قدرة الصين على الإستمرار في سباق الإبتكارات، وكذلك سيواجه مطورو الذكاء الأصطناعي الصينيون تحدياً مزدوجاً قوامه السعي إلى تحقيق إختراقات كبرى في الإبتكار في ظل التعامل مع الضوابط والقيود الأميركية ألتى تخنق تلك الإبتكارات من جهة، والأستجابة إلى تطلب واضح من الحزب الشيوعي الصيني بأن تستمر نماذج الذكاء الأصطناعي في “تبني القيم الاشتراكية”، وحتى الآن أثبتت الضوابط والقيود التي تفرض بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بأنها ليست عصية على الأختراق، وفي المقابل فإن زيادة شراسة الضوابط الأميركية قد تخفض قدرات صناع المعدات الأجانب ومهندسي الرقاقات الإلكترونية والشركات المتقدمة في الأحتفاظ بوجودها داخل سوق الرقاقات الصينية، وإذا عملت الولايات المتحدة على الإستفادة من قوة الدفع ألتي ولدتها مقاربة خفض الأخطار ألتى أنتهجتها إدارة بايدن واستمرت في التنسيق الفعال مع الحلفاء، فستجد الصين نفسها مبعدة بصورة متزايدة عن السوق الصاعدة للتكنولوجيا ألتي تقودها أميركا، ومستثناة من تكتلات تجارية تمارس سياسة قصر حقوق الوصول إلى البيانات والبنى الرقمية التحتية الحساسة على بلدان تتشابه معها في التفكير، وستفضي كل إعادة تنظيم محتملة للتكتلات التجارية إلى نتائج كارثية بالنسبة إلى قدرة الصين على التوسع في الأسواق الخارجية، خصوصاً في وقت تعتمد فيه شركاتها التكنولوجية العملاقة على نموها خارج الإطار المحلي، بهدف التعويض عن الإنحدار البنيوي للأقتصاد الداخلي الصيني، وقد أُغرق المهندسون الصينيون بما ضخته إليهم الدولة من مصادر كي يشقوا لأنفسهم طريق الإبتكار بعيداً من القيود الأميركية المفروضة على صناعة الرقاقات، ويسير تطور الذكاء الأصطناعي صوب النأي عن تكبير قدرات الحوسبة من أجل تدريب النماذج الكبرى والإنتقال إلى التشديد على المواءمة بمعنى التنسيق بين المكونات والأداء، بهدف جعل النماذج المسبقة التدريب پريتراينيد موديلس أكثر قدرة على إعطاء أجوبة متقدمة عن الأسئلة، وبالفعل باتت إنفيديا وشركات رائدة أخرى تركز بصورة أقل على المستوى الذري لتصغير الترانزستورات في عقد الذكاء التوليدي وبالتالي في قوة الرقاقات ألتى يستند إليها في مقابل زيادة تركيزها على الأداء الكلي لنظام الذكاء الأصطناعي الذي يمتد من تصميم الرقاقات ووصولاً إلى أنظمة التبريد المستخدمة لخفض حرارة المعدات في مراكز البيانات، وحينما أطلقت الحزمة الأولى من الضوابط على الرقاقات الإلكترونية في تشرين أول/أكتوبر 2022، أفترض صناع السياسة الأميركيين أن عملية التصغير في عقد الرقاقات تجسد عنق الزجاجة الأساس وبالتالي فإنها تكفي لتثبيت تجميد إنتاج الرقاقات الصينية، ومع دخول هواوي في قيادة جهود الإعتماد على الذات في الصين، أظهرت الأخيرة أنها لا تزال محتفظة بقدرات في عمليات هندسة الرقاقات مع ما يكفي من قوى العمل والإصرار المثابر للإبقاء على تطور صناعتها في مجال مواءمة الأداء الكلي للنظم المعلوماتية، ومن شأن القلق حيال قدرة أميركا على تكوين فجوة واسعة تبعد الصين من منافستها في تطوير الذكاء الأصطناعي، أن يؤدي إلى ضوابط أكثر وضوحاً وانكشافاً، وتبرّم أكبر حيال الشركاء ممن لا يضبطون سياساتهم بالكامل مع قيود التصدير الأميركية، وتطبيق أسرع لإجراءات تطاول الأمدية الإقليمية خارج أميركا، وفي ديسمبر الماضي كانت قدأصدرت وزارة التجارة الأميركية حزمة من الضوابط على تصدير أشباه الموصلات تعطي مثلاً نموذجياً عن تلك المقاربة، إذ فُرضت فيها قيود واسعة النطاق بغية دفع الشركاء إلى التناغم وضبط الخطى على إيقاع الإجراءات الأميركية وخنق الإنتاج الصيني، ومع دخول أمريكا والصين في سباق محتدم للهيمنة في الذكاء الاصطناعي، شرعت بلدان مثل فرنسا والإمارات العربية المتحدة والسعودية وسنغافورة في بناء أنظمة ذكاء إصطناعي سيادية عبر الإستفادة من قواها الوطنية الخاصة ألتى تشمل السيطرة على الوصول إلى البيانات، والمعرفة الوثيقة المتبادلة باقتصادات بعضها بعضاً، وخبراتها في لغاتها وثقافاتها ألتي تفيد في تخفيف الإنحيازات المسبقة ألتي تشتهر بأنها ترافق عمل أنظمة الذكاء الاصطناعي وخصوصاً التوليدي، ومثلاً فقد توظف الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ما قد يصل إلى 100 بليون دولار خلال الأعوام القليلة المقبلة كجزء من سعيها إلى تحقيق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد حفظه الله ورعاه وهدف البلاد المتمثل في أن تصبح ريادية عالمياً في مجال الذكاء الأصطناعي مع حلول عام 2031، وتعبر تلك المكاسب عن وضعية القلق ألتى تعيشها القوى المتوسطة الحجم، وكذلك ملاحظتها وجود فرصة لأن تصنع لنفسها مرتبة متقدمة في ظل المنافسة الصينية – الأميركية، وبسرعة فائقة التقط مؤسس ” إنفيديا ” يانسن هوانغ هذه الوضعية ألتي يتمازج فيها القلق مع الطموح في أوساط القوى المتوسطة، وقد جال على كندا وفرنسا والهند واليابان وماليزيا وسنغافورة وفيتنام والإمارات حاملاً معه الرسالة المغرية نفسها، ومفادها أن كل دولة تحتاج إلى إرساء ذكاء إصطناعي خاص بها كي يعبر عن لغتها وثقافتها وطموحاتها، وفي نفس الوقت كانت قد صنعت شركة ميتا نموذجها اللغوي الكبير المفتوح المصدر في الذكاء الأصطناعي وأطلقت عليه إسم إل لاما وتشاركت في إنتاجها المتألق مع بقية العالم، وليست مصادفة أن تحتل الولايات المتحدة الأميركية الموقع القيادي في هذه الصناعة، وخلال الأعوام الخمسة الماضية أجتذبت أميركا أكثر من 328 مليار دولار من الإستثمارات في تعزيز تطور الذكاء الأصطناعي وتدعيم ثقافة تكافئ الجرأة على المخاطرة، وبالاستناد إلى خطوة التوسع في الإنتاج المحلي للرقاقات ألتى بادرت إليها إدارة بايدن حيال السياسات الصناعية فقد أطلقت إدارة ترمب المقبلة ما تباهت بأنه ” مشروع مانهاتن ” في الذكاء الأصطناعي نسبة إلى مشروع مانهاتن الريادي في بناء القنبلة النووية في إشارة إلى أنه يضيف سرعة ضخمة إلى ثورة الذكاء الأصطناعي ألتي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، وفي المقابل فليست الهيمنة الأميركية على التكنولوجيا حصينة بصورة مطلقة، وقد يخف وزن المكاسب الأميركية الحالية تحت تأثير تطور تكنولوجيا الذكاء الأصطناعي وانتشارها، وحتى اللحظة تمحور التطور الحالي للذكاء الأصطناعي التوليدي على تجميع كميات هائلة من قوة الحوسبة والبيانات والطاقة، وكلها عناصر مطلوبة من أجل تدريب النماذج الكبرى للذكاء الأصطناعي، وبشكل محوري وحاسم أقتضى أمر تجميع تلك العناصر الإمساك بالقدرة على الوصول إلى الرقاقات الأكثر تطوراً في العالم، وبفضل هيمنة الولايات المتحدة على إنتاج تلك الرقاقات عبر شركات مثل إنفيديا و إيه أم دي، أستطاعت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية تشديد ضوابط التصدير وبالتالي تقليص الوصول إلى تلك العناصر بشكل صارم، وعلى نحو خاص تحاول الولايات المتحدة الأمريكية إعاقة التطور المحلي للذكاء الأصطناعي في الصين عبر قطع إمداداتها من الرقاقات المتطورة والمعدات والمكونات اللازمة لتصنيع أشباه الموصلات المتطورة، وفي الوقت نفسه قد تحاول بعض القوى المتوسطة ألتى تفتقد إلى قاعدة محلية تكنولوجية راسخة أن تؤكد أهميتها عبر تمرير تشريعات من شأنها خلق معيار عالمي مفروض بقوة الأمر الواقع، وبالتالي سيسعى المتنافسون إلى بذل قصارى جهدهم للإمساك بناصية التفوق، وربما يستهين مسؤولون أميركيون بقوة الدفع ألتي تولدها الإبتكارات الصينية التكنولوجية، لذا تشكل الضوابط والقيود ألتي تفرضها أميركا وتلزم بها حلفائها على وصول الصين إلى الرقاقات المتقدمة ومعدات إنتاجها، أداة أساساً في الأحتفاظ بتفوقها على بكين في حرب الذكاء الأصطناعي، وتعتمد الصين على وضع قوى الدولة ومصادرها بأيدي شركاتها التكنولوجية الكبرى كأساس لمواصلة التنافس.

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.