*فادي السمردلي يكتب:(لا يرفع ثمن الخيول إلا السباق !!!) فمن يبقى في الميدان الحزبي؟*

*بقلم فادي زواد السمردلي* …. 

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

في عالم الخيل، يُعتبر السباق المعيار الأهم لتحديد القيمة الحقيقية فالمظهر الجميل والنسب العريق قد يجعلان الحصان ملفتًا، لكنهما لا يثبتان جدارته إلا حين يخوض غمار السباق، حيث تظهر قوته وسرعته وقدرته على التحمّل فالسباق هو الميدان الذي يُحدد فيه الفائز، والذي يرفع قيمة الحصان إلى مستويات غير متوقعة فهذه الحقيقة البسيطة تعكس صورة واضحة لما يحدث في العمل الحزبي، حيث لا يُمكن تقييم الحزب بناءً على شعاراته أو تاريخه فقط، بل من خلال أدائه الواقعي وقدرته على المنافسة في ميدان السياسة وخدمة المجتمع فالأحزاب، مثل الخيول، قد تبدو واعدة من الخارج، ولكن قيمتها الحقيقية تُحدد بناءً على ما تقدمه من عمل ملموس في خدمة الناس ومواجهة التحديات.

العمل الحزبي، كأي سباق، يتطلب من الأحزاب خوض منافسة حقيقية تُظهر فيها قدراتها على التأثير وإحداث التغيير فالسباق هنا ليس مجرد انتخابات أو منافسة على مقاعد برلمانية، بل يشمل كل ما يتعلق بخدمة المواطنين، من طرح حلول عملية لمشكلاتهم إلى التأثير في السياسات العامة بصدق وشفافية فالأحزاب التي تكتفي بإطلاق الشعارات أو بتزيين نفسها بمظاهر براقة دون أن تُقدم أداءً فعّالًا على أرض الواقع تفقد قيمتها بمرور الوقت فالناس، مثل جمهور السباق، يبحثون عن الأداء الفعلي، وينتظرون رؤية النتائج فقد تُبهرهم الكلمات في البداية، ولكنها لن تُقنعهم إذا لم تُترجم إلى أفعال ملموسة تُحدث تغييرًا في حياتهم.

تمامًا كما أن السباق يكشف عن الفوارق بين الخيول، فإنه يكشف أيضًا الفوارق بين الأحزاب فهناك أحزاب تدخل السباق بثقة، مستعدة لمواجهة التحديات، ومجهزة بخطط وبرامج واضحة فهذه الأحزاب تثبت قيمتها من خلال الإنجازات التي تُحققها، وتكتسب ثقة الناس واحترامهم وعلى الجانب الآخر، هناك أحزاب تسقط عند أول اختبار، وتكشف عن ضعفها أو عدم جاهزيتها للعمل وهذه الأحزاب سرعان ما تفقد مصداقيتها، تمامًا مثل حصان يفشل في اجتياز أول سباق يدخل فيه فالسباق لا يرحم، فهو ميدان التحدي الذي لا يُمكن فيه الاعتماد على المظاهر أو الشعارات الفارغة.

النجاح في العمل الحزبي يتطلب استعدادًا كبيرًا، مثلما يتطلب السباق من الخيل تدريبًا مستمرًا وتجهيزًا دقيقًا فالأحزاب التي تريد إثبات نفسها تحتاج إلى بناء داخلي قوي يقوم على مبادئ واضحة، وخطط عمل مدروسة، وقدرة على التواصل مع المجتمع وفهم احتياجاته فالعمل الحزبي ليس مجرد نظريات أو وعود تُقال في المؤتمرات، بل هو عمل يومي شاق يتطلب الالتزام والمثابرة ولأحزاب التي تُدرك هذا وتستعد له بشكل جيد تُصبح قادرة على خوض السباق والفوز فيه، مما يرفع قيمتها في عيون الناس وفي الساحة السياسية.

وفي هذا السياق، يُصبح السباق أيضًا معيارًا لتحديد مصداقية الحزب والحزب الذي يثبت نفسه في مواجهة التحديات يُصبح أكثر جاذبية للناس وأكثر قدرة على بناء تحالفات سياسية قوية وعلى العكس، الحزب الذي يكتفي بالوقوف على الهامش، منتقدًا الآخرين دون أن يُقدّم نفسه كبديل حقيقي، يظل عاجزًا عن اكتساب ثقة الناس أو التأثير في المشهد السياسي فالأحزاب التي لا تدخل السباق بجدية تُصبح مثل خيول جميلة المظهر لكنها عديمة القيمة لأنها لم تُختبر في ميدان التحدي الحقيقي.

علاوة على ذلك، السباق في العمل الحزبي ليس مجرد منافسة مع الأحزاب الأخرى، بل هو سباق مع الزمن ومع توقعات الناس فالجمهور ينتظر دائمًا تحسينات ملموسة في حياته اليومية، من خدمات أفضل إلى سياسات تعالج المشكلات التي يواجهها فالأحزاب التي تُثبت قدرتها على تقديم هذه التحسينات تُصبح أحزابًا فاعلة ومؤثرة، ويزداد وزنها السياسي والشعبي وأما الأحزاب التي تُماطل أو تُهمل مطالب الناس، فتُصبح عبئًا على المشهد السياسي وتفقد شرعيتها تدريجيًا.

في النهاية، السباق هو الاختبار الذي لا يُمكن تجاهله ففي عالم الخيول، لا يُعرف الفائز إلا بعد اجتياز مضمار السباق، وفي العمل الحزبي، لا يُمكن معرفة الحزب القوي إلا من خلال ما يُقدمه من عمل فعلي والسباق هو الذي يُحدد الفرق بين من يُجيد الحديث ومن يُجيد العمل، وبين من يُبهر الناس مؤقتًا ومن يُكسب ثقتهم واحترامهم على المدى الطويل فكما أن الخيول تحتاج إلى جرأة لدخول المضمار، تحتاج الأحزاب إلى شجاعة وإرادة لخوض معركة التغيير وبدون ذلك، لن ترتفع قيمة الحزب، ولن يُحدث أي تأثير حقيقي في حياة الناس أو في المشهد السياسي ككل فالسباق هو الذي يرفع القيمة، وهو المعيار الحقيقي لقياس الجدارة.

قد يعجبك ايضا