*فادي السمردلي يكتب:الذكاء المشوَّه عندما يتحول العقل إلى أداة للخبث*

*بقلم فادي زواد السمردلي* …. 

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

في خضم الصراعات الخفية والتنافس الذي يهيمن على كثير من بيئات العمل سواء العام او الخاص، يبرز سؤال خطير متى يتحول الذكاء من أداة للبناء والتطوير إلى سلاح للهدم والتدمير؟ فالذكاء، في جوهره، هو القدرة على الفهم السريع، التحليل العميق، واتخاذ القرارات التي تخدم المصلحة العامة ولكن عندما يتم تسخير هذا الذكاء لخدمة المصلحة الشخصية، فإنه يفقد قيمته ويتحول إلى خبث مقنَّع فيصبح أداة للغدر والخيانة، ووسيلة لتصفية الحسابات والانقضاض على الآخرين، حتى أولئك الذين كانوا يوماً ما حلفاء أو مقربين.

في منظومات العمل، حيث تتداخل المصالح وتتشابك العلاقات، يظهر الخبث بأبشع صوره عندما يتم توظيف الذكاء لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة هنا، يصبح الذكاء أداة للتلاعب بالآخرين، حيث يتم استغلال المناصب والصلاحيات لخلق شبكات من النفوذ تهدف إلى تعزيز المصالح الضيقة، حتى لو كان ذلك على حساب تدمير حياة وظروف من يعترض طريق هذه المصالح فهذا النوع من “الذكاء” لا يكتفي بالإطاحة بالمنافسين، بل يمتد ليشمل حتى الحلفاء والمقربين، الذين يتم التخلص منهم بمجرد أن يفقدوا فائدتهم المؤقتة في تحقيق الأهداف الشخصية.

هذا التحول الخطير من الذكاء إلى الخبث لا يهدد فقط استقرار المؤسسات، بل يخلق بيئة عمل مسمومة، حيث تتفشى الثقافة الانتهازية، وتختفي الثقة بين الأفراد، ويصبح الجميع عرضة للطعن في الظهر ففي مثل هذه البيئة، يتم إهمال المصلحة العامة لصالح المصالح الشخصية، مما يؤدي إلى تراجع الأداء العام وفقدان الثقة في المؤسسات والأخطر من ذلك، أن هذا الخبث غالباً ما يتم تبريره بحجة أنه “ذكاء استراتيجي” أو “ضرورة لتحقيق الأهداف”، بينما هو في الحقيقة مجرد محاولة لتعزيز النفوذ الشخصي على حساب القيم الأخلاقية والمصلحة العامة.

ولعل أخطر ما في هذا الخبث هو قدرته على التخفي تحت عباءة الذكاء، حيث يتم تزيين الأفعال المشبوهة بغلاف من البراعة والدهاء، مما يجعلها تبدو مقبولة أو حتى مستحسنة في بعض الأحيان ولكن الحقيقة هي أن هذا النوع من الذكاء المشوَّه لا يبني، بل يدمر فهو يهدم الثقة، يقتل الروح الجماعية، ويحول العمل إلى ساحة معركة حيث لا مكان للأخلاق أو المبادئ.

لذلك، فإن مواجهة هذا التحول الخطير يتطلب إعادة تعريف الذكاء في إطار أخلاقي واضح وصارم ويجب أن تكون الأولوية لبناء منظومة عمل تعتمد على القيم الأخلاقية والمسؤولية الاجتماعية، حيث يتم تشجيع الذكاء الحقيقي الذي يعمل لصالح الجميع، وليس الذكاء المزيف الذي يخفي خلفه نوايا خبيثة ويجب أن تكون هناك آليات رقابية صارمة تحاسب من يسخرون ذكاءهم لخدمة مصالحهم الشخصية على حساب المصلحة العامة، وأن يتم تعزيز ثقافة الشفافية والنزاهة في كل مستويات العمل.

في النهاية، الذكاء الحقيقي ليس مجرد قدرة عقلية، بل هو التزام أخلاقي تجاه المصلحة العامة أما الذكاء الذي يتحول إلى خبث، فهو ليس ذكاءً، بل هو انحدار أخلاقي يهدد استقرار المؤسسات ويدمر ثقة المجتمع في العمل ولن يكون هناك تقدم حقيقي إلا عندما نعيد للذكاء معناه النبيل، ونحارب كل أشكال الخبث التي تسعى لتدمير القيم والمبادئ التي تقوم عليها أي منظومة عمل ناجحة.

قد يعجبك ايضا