بعد مرور 46 عاماً على إنتصار الثورة الإسلامية في إيران هل ستنتهج إيران سياسة المكسيك مع ترمب …؟

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات …

 

أن توقيع ترمب على المذكرة مؤخراً والتي تتضمن تفصيلاً حرمان إيران من الوصول إلى الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية العابرة للقارات وتحييد شبكاتها المسلحة، وأنه يجب أن يتوقف تطوير إيران للصواريخ الهجومية وغيرها من قدرات الأسلحة غير المتماثلة والتقليدية، فضلاً عن توجيهات لوزير الخزانة الأميركي بتطبيق أقصى قدر من الضغط الإقتصادي على الحكومة الإيرانية، بما في ذلك فرض عقوبات أو تنفيذ تدابير عقابية ضد الأفراد الذين ينتهكون العقوبات القائمة، وأن يصدر وزير الخزانة توجيهات إلى جميع قطاعات الأعمال ذات الصلة بما في ذلك شركات الشحن البحري والتأمين ومشغلي الموانئ في شأن الأخطار ألتى يواجهها أي شخص ينتهك عن علم العقوبات الأميركية ضد إيران أو وكلائها في كل أنحاء العالم، إضافة إلى قيام وزير الخارجية بتعديل أو إلغاء الإعفاءات من العقوبات الحالية، والعمل مع وزير الخزانة لتنفيذ حملة لخفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، وعمل الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة مع الحلفاء الرئيسين لأستكمال إعادة فرض العقوبات والقيود الدولية على إيران، وكذلك التوجيه بإتخاذ النائب العام كل الإجراءات القانونية الممكنة للتحقيق، وتعطيل وملاحقة الشبكات المالية واللوجستية أو العملاء داخل الولايات المتحدة الأمريكية ألتى تدعمها إيران أو الجماعات المسلحة بالوكالة عنها، وأن يقوم المدعي العام بمحاكمة قادة وأعضاء الجماعات المسلحة الممولة من إيران الذين قاموا بأسر أو جرح أو قتل مواطنين أميركيين، ويسعى إلى أعتقالهم وتسليمهم إلى الولايات المتحدة، أما في ما يخص الملف النووي فقد نصت المذكرة على إزالته من المعادلة وأن ترمب لن يسمح لإيران بتحقيق القدرة على إنتاج الأسلحة النووية، ولن يتسامح مع دعم إيران المستمر للإرهاب وخصوصاً ضد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 2020 كان قد أعلن الرئيس ترمب بأنه مادام رئيساً للولايات المتحدة فلن يسمح لإيران أبداً بإمتلاك سلاح نووي، وفي داخل إيران زاد الغضب من كون إرسال كثير من الإشارات من المسؤولين الإيرانيين المحسوبين على التيار الإصلاحي ودعاة الأنفتاح على الغرب أدى في النهاية إلى فرض ترمب مذكرة فيها أوامر جديدة للضغط على الإقتصاد الإيراني وهو ما يعد إستمراراً لسياسته السابقة المتمثلة في ممارسة أقصى قدر من الضغط، وتعتبر إيران بأن توقيع ترمب على تلك المذكرة كان الهدف منه الحصول على تنازلات من طهران تمثل ميزة نفسية للرئيس الأميركي، بمعنى أنه مثلما بدأ الضغط على المكسيك بإصدار أمر لكنها تراجعت بعد ذلك بقليل فقام ترمب بتعليق الأمر مدة شهر، ففي حال إيران يمكن أن يبدأ ترمب إجراءاته بمذكرة الضغط الأقصى لا بأمر له التزام تنفيذي، وينتظر رد طهران للحصول على اليد العليا عليها في أية مفاوضات، وتلك المذكرة قد أوضحت الأجواء الغامضة المحيطة بالسياسة ألتي سينتهجها تجاه إيران، واعتبر تيار داخل إيران أنه من الخطورة إستمرار إرسال إشارات إيجابية للغرب في حين لم تتلق طهران أي رد إيجابي، ولا سيما أن تكرار المسار الخاطئ للأتفاق النووي صور إيران وكأنها ضعيفة، إذ إن تلك النتيجة جرى الوصول إليها بفعل المسؤولين الإيرانيين من دعاة الأنفتاح والتغريب، والذين لم يكن لهم سجل حافل في السياسة الخارجية بل فقط مزيداً من المفاوضات والتنازلات للغرب، والمقصود هنا هو الهجوم على الدبلوماسي المخضرم جواد ظريف، ويعتبر التيار الغاضب الآن داخل إيران بأن ذلك المسار غيّر حسابات العدو في ما يتصل بقوة طهران، وأن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي سبق وحذر من تلك الإشارات ألتي تشجع أعداءهم، والسائد داخل إيران الآن أن إرسال إشارات وتصريحات من جواد ظريف، ولا سيما خلال “منتدى دافوس” الأخير، أوحت إلى الجانب الآخر بضعف إيران وأنهم بذلك يقوضون ويدمرون مصالح طهران الوطنية، والتيار الغاضب داخل إيران الآن يعتبر بأن الإصرار على التفاوض في موقف يتبنى فيه الطرف الآخر نهج الضغط لن يؤدي إلى أي نتائج، بل على العكس من ذلك سيفرغ يد المفاوض الإيراني عندما تعتبر المفاوضات مناسبة وملائمة، وأن تكرار دبلوماسية الأتفاق النووي السابقة في عهد المحامي المخضرم حسن روحاني تعد ضربة للحكومة الحالية، والسؤال هنا كيف يمكن لإيران أن تساعد نفسها…؟ وهل يمكن أن تقدم تنازلاً لترمب لا يمضي بموجبه في تنفيذ المذكرة، بحجة أن الأولوية بالنسبة إلى طهران هي التغلب على الظروف الداخلية والخارجية المعقدة…؟ وكان لافتاً تصريح عميد الدبلوماسية الإيرانية وزير الخارجية عباس عراقجي بعد توقيع ترمب مذكرة الضغط الأقصى، إذ قال إن مصلحة إيران هي ما تحرك سياستها الخارجية، وعلى رغم صحة وواقعية التصريح لأن المصالح هي أساس العلاقات الدولية، لكن وروده في أعقاب موقف ترمب يوحى بأن سياسة إيران ستتحرك وفق مصلحتها الآن وألتي تتمثل في رفع العقوبات عنها وعقد صفقة مع ترمب وتجنب بطش إسرائيل ألتي تعمل منذ عام ونصف العام على تغيير وجه الشرق الأوسط، وكان القضاء على مشروع إيران للهيمنة أهم مظاهر هذا التغيير، لذا قد زاد الغضب داخل إيران من كون إرسال كثير من الإشارات من المسؤولين الإيرانيين المحسوبين على التيار الإصلاحي ودعاة الأنفتاح على الغرب أدى في النهاية إلى فرض ترمب مذكرة فيها أوامر جديدة للضغط على الأقتصاد الإيراني، وهو ما يعد إستمراراً لسياسته السابقة الممثلة في ممارسة أقصى قدر من الضغط، وكان قد أصدر ترمب تعليمات في شأن ممارسة أقصى قدر من الضغط على إيران تجاه الكيانات المرتبطة بالعقوبات، وجاء في نص المذكرة أن الرئيس الأميركي سيواصل الضغط على طهران حتى إشعار آخر، وتستهدف المذكرة سد جميع الطرق أمام حصول إيران على سلاح نووي كما تتصدى لنفوذها في الخارج، وأقول كمراقب ومختص في الشأن الإيراني أن إيران بعد مرور 46 على إنتصار الثورة هي أقوى مما كانت عليه في السنوات الماضية، وستتجاوز كل الصعوبات الإقتصادية والضغوطات الدولية بهمة قيادتها الحكيمة وحكومتها الرشيدة وشعبها العظيم، وكل عام وإيران وشعبها بألف خير وأمن وأمان واستقراراً وازدهار.

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات

قد يعجبك ايضا