الهوية… بين الصمت والصراخ يا حسام يا غرايبة
بقلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي.……
استمعت صباح هذا اليوم للإعلامي الرائع الاستاذ حسام الغرايبة وهو يتحدث عبر أثير إذاعة حسنى عن أعماق الهوية الأردنية ويدافع عنها بأستحياء أحيانا وأحيانا أخرى يغلب عليه الخوف من أن يتهم بالإقليمية او العنصرية .
وبعد سماعي لهذا الحوار الجميل حاولت مرارا أن اتصل معه وادخل بمداخلاتي حول الهوية الأردنية ولكنني لم افلح ولهذا كتبت هذا المقال لعلني أفرج عن همومي وانفس عن كرباتي .
اخي حسام لقد كنتُ أبحث عن هويةٍ تُشبهني، وعن انتماءٍ لا يخذلني، عن وطنٍ لا يُدار ظهره لأبنائه، لكنني وجدتُ وجوهًا ترتدي الأقنعة، تتحدّث عن الأردنّ وكأنّه غريبٌ عنهم، وكأنّ تاريخه لم يُسطَّر بدماء الذين صبغت أقدامهم الأرض وهم يسيرون نحو المجد حفاةً، بلا امتيازاتٍ ولا وساطات.
استمعتُ إلى من يتحدّثون عن الأردنّ، فإذا بهم يقتسمونه كغنيمة، يوزّعون المناصب كما تُوزَّع الموائد، وإذا أردتَ أن تصرخ باسم هويتك، قيل لك: لا تفتعل الفتنة، لا تُشعل نيران العنصرية، اصمتْ، وكن كما يريدون لك أن تكون: مجرد رقمٍ في السجلات، مجرد عابرٍ في وطنك.
لكنني لا أستطيع الصمت. كيف يصمت أبناء الأرض الذين حملوا همّها على أكتافهم، وساروا بها في دروبٍ لا تعرف التراجع؟ كيف يُطلب منا أن نكون شهودًا بلا صوت، وأن نقف في طابور الانتظار، بينما آخرون يُقررون مصير هذه الأرض، وكأنّنا لسنا جذورها وأصلها؟
الأردني ليس بحاجةٍ لأن يُثبت هويّته يا حسام ، فالهويّة تُكتب على الجباه قبل أن تُسجَّل على الأوراق وتكتسب بالفطرة قبل ان تسجل بدفتر العائلة ، لكنّه بحاجةٍ إلى أن يُرفع صوته دون أن يُتهم، وإلى أن يكون ابن الوطن حيث يجب أن يكون، لا مجرد مقاتلٍ يُستدعى حين تحترق السفينة، ثم يُرمى خارجها حين تعود للرسوّ بأمان.
إنَّ الأوطان لا تُبنى على الأكتاف المرتجفة، ولا على الألسنة التي تُجامل أكثر مما تصدح بالحق، ولا على قراراتٍ تُجامل من لا حقَّ لهم على حساب الذين سطَّروا التاريخ بعرقهم ودمائهم. فأيُّ يدٍ تلك التي تكتب تاريخًا لا يحمل أسماء الذين صنعوه؟ وأيُّ هويةٍ تلك التي يُراد لها أن تكون بلا أصحابها؟
أما أنا، فأقولها كما قالها من قبلي: أنا أردنيٌّ، ولي صوتٌ لا يصمت.