*فادي السمردلي يكتب:تراجع ترامب عن خطة التهجير… لكن الحذر من مناوراته وتقلباته!*
*بقلم فادي زواد السمردلي* ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
في خطوة تعكس تغيرًا ملحوظًا في مواقفه السابقة، تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن طرحه الصارم بضرورة تهجير الفلسطينيين وتوطينهم في الخارج، ليُعلن اليوم أنه يمتلك “خطة يوصي بها”. هذا التغير الكبير بين خطاب الإلزام والتنفيذ وبين الاكتفاء بطرح توصية، يعكس مراجعة للحسابات السياسية، سواء بسبب الضغوط العربية والدولية أو تعقيدات الواقع الميداني ومع ذلك، فإن هذا التراجع لا يعني نهاية الخطر، فترامب، المعروف بتقلباته السياسية ومواقفه غير الثابتة، قد يعود في أي لحظة لإعادة طرح الفكرة إذا وجد أن الظروف مواتية لذلك.
لطالما اتسم ترامب باتخاذ قرارات حادة ثم التراجع عنها عندما يجد معارضة قوية أو صعوبات في التنفيذ، والتاريخ مليء بالأمثلة على تغيّره المفاجئ في قضايا جوهرية لذا، فإن التعامل مع هذا التراجع يجب أن يكون بوعي كامل، وليس بوصفه انتصارًا سياسيًا نهائيًا، بل كمؤشر على أن الموقف العربي الرافض قد أثّر، لكنه لا يعني أن الخطر قد زال تمامًا فالرئيس الأمريكي السابق قد يعود في أي لحظة إلى موقفه الأصلي إذا تغيرت الظروف.
من بين أبرز المواقف العربية الثابتة في رفض أي مشروع التهجير، كان موقف الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي أعلن منذ البداية أن التهجير ليس خيارًا مطروحًا، بل هو بمثابة “إعلان حرب” وهذا الموقف الصارم الذي اكده جلالة الملك لترامب في البيت الأبيض لعب دورًا محوريًا في إفشال أي محاولات لفرض المشروع، وعزز من وحدة الموقف العربي فالأردن، بحكم موقعه الاستراتيجي وارتباطه التاريخي بالقضية الفلسطينية، يدرك أن تهجير الفلسطينيين لن يكون مجرد تغيير سكاني، بل زلزال سياسي وأمني يهدد استقرار المنطقة بأكملها.
مع تراجع ترامب المعلن، يجب على الدول العربية أن تبني على هذا الإنجاز، لا أن تكتفي باعتباره انتصارًا تكتيكيًا فالقمة العربية المقبلة تمثل فرصة ذهبية لتوحيد المواقف حول رؤية واضحة للتعامل مع القضية الفلسطينية، وخاصة ملف غزة، بحيث تكون هناك استراتيجية عربية موحدة تواجه أي محاولة لإعادة فرض مشاريع التهجير أو تصفية الحقوق الفلسطينية بطرق أخرى.
لقد أثبتت التجربة أن قوة العرب ليست فقط في امتلاك الموارد، بل في قدرتهم على توحيد كلمتهم واتخاذ مواقف مؤثرة على الساحة الدولية وإذا أديرت هذه المرحلة بحكمة، يمكن للعرب فرض رؤيتهم بدلًا من البقاء في موقف رد الفعل على المشاريع الخارجية.
يجب أن تكون الرسالة التي تخرج من القمة العربية المقبلة واضحة لا تقبل التأويل لا لمشاريع التهجير، لا لحلول مفروضة بالقوة، نعم لرؤية عربية موحدة تضع القضية الفلسطينية في إطار استراتيجي طويل الأمد وعلينا أن ندرك أن التراجع الحالي لترامب قد يكون مجرد خطوة تكتيكية، وليس تغييرًا حقيقيًا في النهج الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية. ولذلك، فإن وحدة الموقف العربي لم تكن يومًا أكثر أهمية مما هي عليه اليوم.
في النهاية، رغم تراجع ترامب عن مشروع التهجير، لا يمكن للعرب الركون إلى هذا التغيير وكأنه قرار نهائي، فالرئيس الأمريكي لطالما أثبت أن مواقفه قابلة للتبدل في أي لحظة. المطلوب اليوم ليس فقط الحذر، بل العمل الجاد على تحصين الموقف العربي، وتطوير خطة متكاملة تجعل للعرب كلمة مؤثرة في القضايا المصيرية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، لضمان عدم تكرار مثل هذه المشاريع في المستقبل.