*فادي السمردلي يكتب: (باصم مش فاهم) الجاهل صاحب قرار🫵👇*

*بقلم فادي زواد السمردلي* …. 

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️
في عالم العمل العام، حيث تُبنى السياسات وتُدار المؤسسات وتُصاغ القرارات التي تؤثر على حياة الملايين، تظهر أحيانًا ظاهرة غريبة ومثيرة للقلق يمكن تلخيصها بعبارة “باصم مش فاهم”، هذه العبارة تحمل في طياتها دلالات عميقة حول كيفية اتخاذ القرارات في ظل غياب الفهم الكامل للأبعاد الحقيقية للمشكلات أو التحديات، هذه الظاهرة ليست مجرد حالة فردية عابرة، بل هي أحيانًا نمط متكرر في العمل العام، حيث يتخذ بعض القادة قرارات مصيرية دون إدراك كامل لعواقبها، مما يؤدي إلى نتائج كارثية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي

في كثير من الأحيان، يجد متخذو القرارات أنفسهم في مواقف معقدة تتطلب سرعة في التنفيذ، مما يدفعهم إلى اتخاذ قرارات سريعة دون تحليل دقيق أو فهم شامل للموقف فقط لأن فلان تصرف كذا، وهذا النمط من القرارات يمكن أن يُطلق عليه “الجهل المقنَّع”، حيث يبدو القائد واثقًا من قراراته المبنية على قرارات الغير، لكنه في الحقيقة يفتقر إلى الإدراك الكامل للأبعاد الحقيقية للمشكلة، فعلى سبيل المثال، قد يتم إطلاق مشروع تنموي ضخم دون دراسة جدوى كافية، أو يتم تنفيذ سياسة عامة دون تحليل تأثيراتها الاجتماعية أو الاقتصادية، فالنتيجة غالبًا ما تكون فشلًا ذريعًا أو هدرًا للموارد العامة، مما يزيد من تعقيد المشكلات بدلًا من حلها

لا يمكن إغفال دور الضغوط الخارجية في تعزيز هذه الظاهرة، ففي كثير من الأحيان، يتعرض متخذو القرارات لضغوط سياسية أو اجتماعية أو إعلامية تدفعهم إلى اتخاذ قرارات سريعة دون تفكير عميق، هذه الضغوط قد تأتي من رؤساء مباشرين، أو من جماعات ضغط، أو حتى من الرأي العام الذي يطالب بحلول سريعة لمشكلات معقدة، ففي مثل هذه الحالات، يجد القادة أنفسهم مضطرين إلى “البدء بالتنفيذ” دون فهم كامل للموقف، مما يعزز حالة “باصم مش فاهم” ويجعلها نمطًا متكررًا في عملهم

في المقابل، هناك قادة يدركون أنهم “باصم مش فاهم”، ويعترفون بذلك بصراحة، فهؤلاء القادة يدركون أن الاعتراف بالجهل هو الخطوة الأولى نحو الفهم، وأن القرارات المتسرعة قد تكون كارثية، فمثل هؤلاء القادة يلجؤون إلى استشارة الخبراء، وإجراء الدراسات، وتحليل البيانات قبل اتخاذ أي قرار، وهذا النهج يعكس وعيًا عميقًا بأهمية الفهم الكامل للموقف قبل الشروع في التنفيذ، ومع ذلك، فإن هذا النوع من القادة نادرًا ما نراه في الواقع العملي، حيث يغلب على الكثيرين الخوف من الاعتراف بالجهل أو القصور، خوفًا من فقدان المصداقية أو السلطة

فعندما تتحول حالة “باصم مش فاهم” إلى نمط متكرر في اتخاذ القرارات، فإن العواقب تكون وخيمة على العمل العام، لأن ذلك يؤدي إلى هدر الموارد العامة، حيث يتم تنفيذ مشاريع أو سياسات دون دراسة كافية، مما يؤدي إلى فشل هذه المشاريع أو تفاقم المشكلات التي كانت تهدف إلى حلها، أيضًا يفقد المواطنون الثقة في مؤسسات الدولة، حيث يرون أن القرارات المتخذة لا تعكس فهمًا حقيقيًا لاحتياجاتهم أو مشكلاتهم، وعندما تتراكم المشكلات بدلًا من حلها، حيث يتم التعامل مع الأعراض بدلًا من الأسباب الجذرية، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا مع مرور الوقت

لحل هذه المشكلة، يجب العمل على بناء ثقافة تنظيمية تشجع على الشفافية والاعتراف بالأخطاء، فهذه الثقافة يجب أن تبدأ من القيادات العليا، حيث يعترف القادة بحدود معرفتهم ويبحثون عن المزيد من المعلومات قبل اتخاذ القرارات، بالإضافة إلى ذلك، يجب توفير الأدوات والموارد اللازمة لتحليل البيانات واتخاذ القرارات المدروسة، مثل أنظمة تحليل البيانات المتقدمة، واستشارة الخبراء، وإجراء الدراسات الميدانية، كما يجب تدريب القادة على مهارات التحليل الاستراتيجي وفنون القيادة الفعالة، حتى يتمكنوا من اتخاذ قرارات تعكس فهمًا عميقًا للواقع

في النهاية، فإن القرارات المتخذة في العمل العام ليست مجرد خطوات إدارية روتينية، بل هي محركات للتغيير المجتمعي، لذلك فإن فهم الأبعاد الحقيقية لهذه القرارات، والاعتراف بالجهل عند الضرورة، هو ما يميز القادة الحقيقيين عن أولئك الذين يسيرون في الظلام، ويتركون خلفهم آثارًا سلبية يصعب إصلاحها، يجب أن ندرك أن حالة “باصم مش فاهم” ليست مجرد تعبير عن قلة الخبرة، بل هي تحذير من مخاطر اتخاذ القرارات دون فهم كامل، فقط من خلال الفهم العميق والتحليل الدقيق يمكننا تحقيق التغيير الحقيقي والتنمية المستدامة في العمل العام، لذلك اعترف أنك مش فاهم

قد يعجبك ايضا