فلسطين ـ صرخة من قلب التاريخ إلى ضمير العالم ” نداء للعدالة “

بقلم ـ د. هاني محمود العدوان ـ منظمة العفو الدولية … 

 

فلسطين ليست مجرد بقعة جغرافية على خارطة العالم، بل هي نبض التاريخ ومهد الحضارات، أرض الأنبياء والرسالات، ومهوى أفئدة المؤمنين، هنا، على هذه الأرض المقدسة، سارت أقدام الأنبياء، وسالت دماء الشهداء، وارتفعت أصوات المآذن والكنائس إلى السماء
تتمتع فلسطين بموقع استراتيجي فريد، فهي تقع في قلب العالم وتطل على البحر الأبيض المتوسط، مما جعلها عبر التاريخ نقطة التقاء للحضارات ومركزا للتجارة العالمية، تحتضن القدس، المدينة المقدسة، بين أسوارها المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وكنيسة القيامة، أقدس الكنائس المسيحية، وحائط البراق، مما يجعلها قبلة للأنظار ومحط اهتمام العالم أجمع
إن الأهمية التاريخية والدينية والثقافية لفلسطين تجعلها قضية محورية في الصراع الدائر في المنطقة، وتستدعي تضافر الجهود الدولية لإيجاد حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني ويحقق السلام الدائم
إن استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يمثل تهديدا خطيرا للأمن والاستقرار على المستويات الإقليمية والعالمية، كما يعيق التعاون الاقتصادي والتجاري بين دول المنطقة، مما يؤثر سلبا على التنمية والاستقرار على الصعيد العالمي، ومصدرا للتوتر بين القوى الكبرى، مما يزيد من خطر نشوب صراعات دولية، إضافة إلى تأثيره السلبي على صورة القانون الدولي وحقوق الإنسان، مما يقوض الجهود الدولية لتعزيز السلام والأمن
إن استمرار هذا الصراع يقوض الثقة في النظام الدولي، ويشجع على استخدام القوة لحل النزاعات، مما يهدد الأمن والسلم العالميين، ويساهم في خلق موجات لجوء تزيد من الأعباء على الدول المجاورة وأوروبا، مما يخلق توترات اجتماعية واقتصادية، ويشكل تهديدا للأمن البحري في البحر الأبيض المتوسط، مما يؤثر على حركة التجارة العالمية، ويؤثر أيضا على العلاقات بين الدول، حيث تتخذ بعض الدول مواقف متضاربة بشأنه، مما يعقد الجهود الدولية لحل النزاعات الأخرى، ويؤثر على الاقتصاد العالمي، ويهدد استقرار أسواق النفط ويعيق التجارة والاستثمار في المنطقة
إن مسؤولية المجتمع الدولي في حماية الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي باتت مسؤولية إنسانية عاجلة لا تحتمل التأخير والمراوغة ترتكز على عدة محاور رئيسية، تتضمن الالتزام بالقانون الدولي، واتخاذ إجراءات ملموسة لإنهاء الانتهاكات، ودعم الحقوق الفلسطينية المشروعة، وعلى المجتمع الدولي الالتزام بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة التي تدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، كما يتعين على الدول احترام اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني، التي تحظر الاستيطان وهدم المنازل والاعتقالات التعسفية وغيرها من الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل
لذا يجب على المجتمع الدولي محاسبة دولة الاحتلال الإسرائيلي على انتهاكاتها للقانون الدولي، واتخاذ إجراءات عقابية ضدها لضمان امتثالها لقرارات الأمم المتحدة، واتخاذ إجراءات دبلوماسية واقتصادية للضغط عليها لإنهاء الاحتلال والالتزام بالقانون الدولي وتفعيل آليات المساءلة الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية، لمحاسبتها على جرائم الحرب والانتهاكات التي ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني، وعلى الدول دعم المؤسسات الفلسطينية التي تعمل على حماية حقوق الفلسطينيين، وتقديم الدعم المالي والاقتصادي للشعب الفلسطيني لتعزيز صموده على أرضه
وعلى المجتمع الدولي تبني سياسات مقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات على إسرائيل لانتهاكاتها لحقوق الإنسان، وإدانة كل انتهاكاتها المتكررة بشكل واضح وصريح، وتوثيقها وتقديمها للمحاكم الدولية
لقد آن الأوان لتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني من اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي، ووضع حد لغطرسة الاحتلال، وتقديم الدعم المالي والسياسي لوكالة الأونروا لتمكينها من مواصلة تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين
لذا يجب على الدول العظمى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، أن تقوم بواجبها الإنساني وتتحمل المسؤولية الأخلاقية بعدم الكيل بمكيالين فللعدالة مكيال ، وبشاعة ما يمارسه الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني المتمسك بأرضة ومقدساته لا يمكن تجاوزه او السكوت عنه، لذا وجب عليها ممارسة الضغط على الكيان المحتل وقف انتهاكاته للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ودعم حل الدولتين على أساس حدود 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية، ولعب دور الوسيط النزيه في المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وضمان تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين
إذ لا يمكن تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، وعلى إسرائيل الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة
وعلى الدول العربية والإسلامية توحيد مواقفها وتنسيق جهودها لدعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية باعتبارها قضيتها المركزية ، وأهم القضايا العربية والإسلامية، وتقديم الدعم المالي والاقتصادي للشعب الفلسطيني لتعزيز صموده على أرضه، ودعم المؤسسات الفلسطينية التي تعمل على حماية حقوق الفلسطينيين، واستخدام كافة أوراق الضغط السياسية والاقتصادية على إسرائيل لوقف انتهاكاتها للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة
كما يجب تسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني في وسائل الإعلام العربية والإسلامية والدولية، وفضح ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، وتسليط الضوء على الحصار المفروض على قطاع غزة وقتل أطفالها وشيبها وشبابها ونسائها وتدمير البنى التحتية فيها وهدم المباني ، وتوسيع المستوطنات، وهدم المنازل على قاطنيها، والاعتقالات التعسفية، والوضع الإنساني المتردي في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتأكيد على مسؤولية المجتمع الدولي في حماية الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال وهو نداء ايضا للمنظمات الدولية لكي تقوم بواجبها الإنساني والأخلاقي للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وفضح ممارسات الاحتلال الاسرائيلي المنتهك لكل القيم والأعراف الإنسانية والدولية، فحقن دماء الابرياء وتحقيق السلام العادل والشامل هو مسؤولية الجميع ، وهو أساس استقرار المنطقة والعالم بأسره

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.