*فادي السمردلي يكتب: الشعبوي سمّ في خطاب أنيق*

*بقلم فادي زواد السمردلي*  …..

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️
عندما نتحدث عن الشعبوي، المقصود به التحدث عن شخصيات تتقن فن صناعة الضجيج، شخصيات تحترف استغلال الكلمات لخلق صورة لامعة لكنها خاوية، مجرد طبل أجوف يحدث ضجيجًا دون أن يقدم شيئًا ويتجلى هذا النوع من الشخوص بوضوح خلال الأزمات، حيث يظهر على الشاشات متحدثًا عن الحلول الكبيرة، بينما لا يمتلك خطة حقيقية ولا نية صادقة لإحداث تغيير ملموس فهذه العينة تبدع في استعراض الشعارات الرنانة والوعود المبهمة، مستغلة وسائل الإعلام وخطبًا مكتوبة بعناية لإبهار الجماهير، لكنه في الواقع يملئ آذان الناس بكلمات فارغة لا تخدم سوى طموحاته الشخصية.

الشعبوي ذلك الأجوف الذي يجيد لعبة التمويه، فهو قادر على تقديم نفسه كبطل شعبوي، يظهر وكأنه القادر على إنقاذ البلاد من أزماتها، بينما الحقيقة أنه مجرد صوت دون صدى يتلاعب بالعواطف ويوظف المظاهر، يصنع من الأزمات فرصة لإبراز نفسه دون أن يسعى بصدق لإيجاد حلول فعلية بل قد يتعمد إبقاء الأزمات مشتعلة ليروج لنفسه باستمرار، متجاهلًا تمامًا ما تتكبده الشعوب من معاناة فهذه النوعية المقيتة لا تقدم سوى وعود فارغة وتهدئة مؤقتة للجماهير، وبدلًا من تقديم الحلول، يلجؤون إلى تعقيد القضايا وتضخيم المشكلات، ليبدو وكأنهم وحدهم القادرون على حلها، لكن الحقيقة أنهم لا يقدمون سوى المزيد من الوهم.

الطبل الأجوف ليس مجرد وصف، بل هو ظاهرة تهدد الثقة بين الناس وأي منظومة إذ أن هذا النوع يخلق فجوة عميقة بين الهيئة العامة للمنظومة وقادتها فالناس تتعب من الاستماع إلى نفس الوعود التي لا تتحقق، وتصاب بخيبة أمل متكررة تجعلها تفقد الإيمان بأي تغيير حقيقي وفي النهاية، يُفضي هذا إلى شعور بالإحباط يعم المجتمع، ويزرع حالة من السلبية تجاه أي خطاب سياسي، حيث لا يرى المواطن في سوى أشخاص يركضون خلف مصالحهم، يتلاعبون بالمصائر دون اكتراث بما تتركه أفعالهم من آثار.

ولعل الأخطر من ذلك، أن ذلك الطبل الأجوف لا يقف عند حد الخداع فحسب، بل قد يستخدم نفوذه ومهاراته الخطابية لتشويه الحقائق وإبعاد الأنظار عن القضايا الهامة، ليحول انتباه الجميع إلى قضايا هامشية أو مفتعلة وقد يلجأ إلى إثارة النزاعات الجانبية، أو خلق عدو وهمي، كل ذلك لإلهاء الناس عن إخفاقاته فهو يستغل بذلك الحاجة الملحة للناس إلى الأمل، ليزرع فيهم أوهامًا بديلة، تدفعهم للالتفاف حوله بوصفه القائد المخلص، بينما هو في الحقيقة يستهلك الوقت ويبدد الموارد دون طائل وبهذا الشكل، يتحول الأجوف إلى معضلة حقيقة في حياة الناس، حيث يبقى قابعًا في الواجهة، محتكرًا للقرار، دون أن ينجز شيئًا ملموسًا.

وهذا النموذج ، منتشر حيث يجد بيئة خصبة للنجاح بفضل إعلام يركز على الشكل ويغفل المضمون، وجمهور متعطش للتغيير يبقى السؤال العميق هنا إلى متى سيستمر الناس في الوثوق بهؤلاء الذين لا يقدمون سوى السراب؟

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.