*فادي السمردلي يكتب: الروابدةحين تتجسّد الهوية الوطنية الأردنية في رجل*
*بقلم فادي زواد السمردلي* …..
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
في كل مرحلة من عمر الأوطان، يظهر رجال يشبهون الأرض التي أنجبتهم. رجال لا تذيبهم الألقاب، ولا تُصهرهم المناصب، ولا تغيّرهم رياح المساومة وفي تاريخ الدولة الأردنية الحديثة، يبقى اسم عبد الرؤوف الروابدة علامة فارقة، ورمزًا وطنيًا شامخًا، نحت اسمه في صخر الوطنية، لا في رمال السياسة المتحركة.
الروابدة لم يكن رجل دولة فحسب، بل كان تجسيدًا لفكرتها، وضميرًا حيًا ناطقًا باسمها في زمن خفتت فيه الأصوات الصادقة وارتفعت فيه شعارات الخداع والتلوّن كان ابن الأردن، وسليل العشيرة، ورجل المؤسسات، لكنه قبل كل شيء وبعده، كان أردنيًا نقيّ الانتماء، ناصع الولاء، صلب الموقف.
في فكره، الهوية الوطنية الأردنية ليست بندًا في الدستور، بل نبضًا في القلب، وشرفًا لا يُساوَم عليه فهي ذاكرة الدولة، وركيزة استقرارها، والبوابة التي نمرّ من خلالها إلى المستقبل وحين علت أصوات تروّج لتذويب هذه الهوية في مشاريع مشبوهة أو شعارات عابرة، وقف الروابدة بعنفوانه المعروف، يعلنها صريحة:
> “الأردني ليس طارئًا، بل أصل في جذع هذه الدولة، ولن نسمح بتحويله إلى مجرد رقم بين جداول التسويات.”
كان الروابدة يُدرك أن الكرامة الوطنية لا تُمنح، بل تُنتزع بثبات الموقف، وقوة الحجة، وعزيمة الرجال.لذلك، لم يكن يطلب المجد، بل يصنعه لم يكن يُداهن، بل يواجه لم يكن يبحث عن الشعبية، بل عن الحقيقة وكان دائمًا جاهزًا ليدفع ثمن موقفه، حتى لو وقف وحيدًا في ساحة المعركة.
وحين يتحدث عن الأردن، يتحدث كما يتحدث البدوي عن صحرائه، والفلاح عن أرضه، والجندي عن سلاحه يتحدث بلهجة الرجل الذي يرى في الدولة كيانًا يستحق الفخر، لا سلعة تُباع وتشترى على طاولة السياسة.
ولأنه وُلد من رحم هذا الوطن، وعاش بين أحيائه وبيوته وساحاته، فقد فهم الأردني كما هو: عنيدًا كريمًا، شريفًا شجاعًا، لا يرضى الظلم ولا يقبل الانكسار آمن بأن العدالة لا تتناقض مع الحفاظ على الثوابت، وأن التحديث لا يعني التفريط، وأن من يحترم نفسه لا يفرّط بهويته.
حين صمت الكثيرون، نطق الروابدة وحين ارتبك آخرون، ثبت هو وحين فُتح الباب أمام محاولات اختراق الهوية الوطنية، كان أول من رفع صوته عاليًا، قائلًا:
> “نحن لسنا منسيين على هامش التاريخ، نحن من كتبوا أول سطر فيه، وسنكتب آخره إن لزم الأمر.”
اليوم، ونحن نواجه تحديات تتعدى الاقتصاد والسياسة، لتصل إلى عمق الوجدان الوطني، نستعيد صوت الروابدة لا كذكرى، بل كقيمة، كنموذج لرجلٍ لم يخشَ في حبّ الأردن لومة لائم، ولم يُدِر ظهره يومًا للحق، ولم يقبل أن يكون الوطن مجرد محطة في سيرة شخصية، بل جعله العنوان الأول والأخير.
فطوبى لوطن أنجب عبد الرؤوف الروابدة، وطوبى للهوية الأردنية التي وجدت فيها هذا الدرع الأمين، وهذا الحارس الشجاع، وهذا الرجل الذي لا يُشبه إلا الأردن نفسه عصيٌّ على الانكسار، كريمٌ في العطاء، شديدٌ على الأعداء، رحيمٌ بأهله.