رأسُ عُمران… السِّرُّ الكامنُ في حفيدِ الشيخِ سعيدِ السروري

عدنان عبدالله الجنيد أبو الحمزة  …..

( كاتب وباحث سياسي مناهض للاستكبار العالمي).

“ما بينَ ميون ورأسِ عدن، نُسجت خيوطُ السيادة البحرية… وكان خلفَ كلِّ موقعٍ رجلٌ من نسلِ العظماء، يحرُسُ البحرَ كأنّهُ يُحرِسُ وَرْدَةً في القلب…”

تمهيدٌ… من شيخٍ إلى حفيدٍ
حين أَمسَك الشيخُ سعيدُ السروري بمفتاحِ السيادة البحرية عند بابِ المندب، وأقامَ جزيرةَ ميون قلعةً للرباط والجهاد:
لم يكن يغفلُ عن بقيةِ البحر.
ولم يكن ليترك للصدفةِ بقيةَ المنافذ.
فوجَّهَ نظرَه إلى مدخل خليج عدن — حيثُ يُشرق البحرُ على خاصرة اليمن.
وقال لابنه عُمران:
“اذهب يا بُني… اجعل رأسَ هذا البحرِ عيناً ساهرةً… وكما جعلتُ ميون في قبضتي، اجعل رأسَ عدن في قبضتك.”

فكان جوابُ عُمران لأبيه، مثلَ جوابِ النبيّ إسماعيلَ لأبيه إبراهيمَ عليهما السلام:
“يا أبتِ افعل ما تؤمر، ستجدني إن شاء الله من الصابرين.”
فخرجَ عُمران إلى الرأس، صدعَ بما أُمِر…
وثبّتَ موطئَ المجدِ هناك.
ومن يومها، صار الرأسُ يُدعى:
“رأسُ عُمران”… نسبةً إلى عُمران بن سعيد بن علي بن إبراهيم السروري.
رأسُ عُمران… موقعٌ العينُ لا تغفو فيه
ليس كلُّ رأسٍ بحريٍّ رأسَ سيادة.
لكنّ رأسَ عُمران كان رأسًا يُطلُّ على:
مدخلِ خليج عدن.
المعبرِ الحساسِ بين المحيط الهندي والبحرِ الأحمر.
شرايين الملاحة الدولية.
موقعٌ يُراقب السفنَ قبل أن تُطلَّ على عدن، وقبل أن تدخلَ في خاصرةِ اليمن.
لهذا أرسله الشيخ سعيد إليه — يعلمُ أن من يُمسك ببابِ البحر يجب أن يُمسك أيضًا بمرآته.
رأسُ عُمران… أين يقع؟
يقع رأسُ عُمران في الجهة الجنوبية الغربية من مدينة عدن:
يتبعُ إداريًّا مديرية البريقة.
يبعدُ نحو 25 كيلومترًا عن وسط عدن.
يُطلُّ مباشرةً على مدخل خليج عدن.
يُعدُّ حتى اليوم من المواقع ذات الأهمية العسكرية والاستراتيجية في منظومة الدفاع البحري.
ولذلك ظلَّ — جيلاً بعد جيل — موقعًا يُثيرُ اهتمامَ الدول الكبرى والباحثين عن السيطرة على المضيق.
ذا الشبلُ من ذاكَ الأسد
لم يكن إرسال عُمران إلى رأسِ عدن رسالةً تكتيكية فقط.
بل كانت رسالةَ:
توريثِ السيادة.
ومواصلةِ الجهادِ في البحر كما في البر.

فالشيخُ سعيد أطلقَ الأسدَ الصغير — عُمران — إلى رأس البحر:
“امسك البحرَ بيدك، كما أمسكنا بالمندبِ قلبه.”
فصار رأسُ عُمران — كما تقول الروايات الشفوية في أحفادِ الأسرة، وفي أوساط المرابطين في سواحل اليمن — عينًا لا تنام…
وما زال حتى اليوم يشهدُ على عقلية القيادة البحرية التي صاغها الشيخ سعيد وأبناءه.
كلمة للتاريخ… وموعدٌ مع الأسرار
إنّ من يُطالع خرائطَ الملاحة، حين يرى “رأسَ عُمران”، لا يقرأُ مجرّد اسمٍ جغرافيّ.
بل يقرأُ:”هنا وقفَ رجلٌ من رجالِ السيادة البحرية اليمنية… حفيدُ شيخٍ من شيوخِ البحر… صدعَ بما أُمر، وجعل من رأس البحر رأسَ مجد.”
وهكذا اكتملَ تكتيكُ الشيخ سعيد:
ميون في قلب البحر.
رأسُ عُمران في خاصرة عدن.
ورجالٌ أوفياءُ… عيونُهم لا تغفو، وقلوبُهم لا تخون.
“ولئن غابت عن هذا السِّرّ مصادرُ مدوَّنةٌ في الكتبِ الرسميّة، فإنّ الرواياتِ المتواترة في أحفادِ الأسرةِ السروريّة، وفي ذاكرةِ البحرِ والمرابطين، تحفظُ هذه الصفحة من المجد كأنها مكتوبةٌ على صفحة الماء بالذهب.”
ولنا موعدٌ قادمٌ — بإذن الله — مع الأسرار الكبرى في سيرةِ الأسرةِ الإسماعيلية… ومع الشيخِ سعيد السروري نفسِه… حين نفتحُ صفحاتِ المجدِ المسكوتِ عنه، وما زال البحرُ يشهدُ عليه.

“سلسلةُ السرِّ الكامن في البحر… من ميون إلى رأسِ عُمران… مجدٌ نُعيدُ إليه ضوءَ الحروف.
تابعونا في الحلقات القادمة عن الأسرة السروريّة / الشيخ سعيد السروري… وذاكرةُ البحر ما تزال تنبض.”

انهيار مبدأ “الغموض البنّاء”: هل تغيّر إيران معادلة الردع النووي في الشرق الأوسط؟
طوفان للدراسات الاستراتيجية

منذ عقود، اعتمدت إسرائيل على ما يُعرف في الأدبيات الاستراتيجية بـ”الغموض البنّاء” (Constructive Ambiguity) فيما يتعلق بترسانتها النووية. لم تؤكد ولم تنكر امتلاكها للسلاح النووي، واكتفت برسائل تلميحية مدروسة، جعلت من مشروعها النووي مظلة ردع استراتيجية دون أن تُدخل نفسها في التزامات دولية أو مساءلة قانونية.

لكن الإعلان الإيراني الأخير عن الاستيلاء على أرشيف نووي ضخم وسري من داخل إسرائيل، حوّل هذه المعادلة إلى ما يُشبه ورقة محترقة، وسدّد ضربة مباشرة إلى العقيدة الأمنية الإسرائيلية القائمة على السرية، الغموض، والمفاجأة.

ما الذي تغيّر؟

وفقاً لما أوردته وسائل إعلام رسمية وشبه رسمية في طهران، فإن جهاز الاستخبارات الإيراني أصبح بحوزته “وثائق استراتيجية بالغة الحساسية” تتعلق ببنية البرنامج النووي الإسرائيلي، منشآته، خرائطه، ونقاط ضعفه. وبينما لم تُنشر بعد سوى لمحات محدودة، فإن مضمون الرسالة واضح: الطرف الإيراني بات يملك المعرفة الدقيقة، وربما القدرة العملياتية، على ضرب أي منشأة نووية إسرائيلية في حال اندلاع مواجهة شاملة.

المعادلة الاستراتيجية تتبدّل:

ردع مقابل الردع: إذا ثبتت صحة المعلومات الإيرانية، فإننا أمام تحول استراتيجي حقيقي. فبينما كانت إسرائيل تُهدد بمظلتها النووية، أصبحت اليوم مكشوفة أمام خصم يملك أدوات الفهم، وربما الاختراق، لهذا الملف. الردع الأحادي تحوّل إلى ردع متبادل، ولو جزئيًا.

ضغط دولي محتمل: إيران قد تستخدم هذه الوثائق – أو أجزاء منها – لإعادة فتح ملف إسرائيل النووي على طاولة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبهذا، تُحوّل التناقض التاريخي في تعامل المجتمع الدولي مع طهران وتل أبيب، إلى ملف دولي محرج، يُضعف شرعية الاستثناء الإسرائيلي ويفتح المجال أمام حراك دبلوماسي جديد تقوده قوى صاعدة مثل الصين وروسيا.

إسرائيل في حالة هشاشة استخبارية: اختراق هذا النوع من المعلومات – سواء عبر عملاء داخليين أو عمليات سيبرانية معقدة – يعني أن قدسية الأمن الإسرائيلي قد تكسّرت. الدولة التي كانت تفاخر بأجهزة استخباراتها، باتت الآن في موقع الدفاع، والتساؤل: من التالي؟ وأين الخرق القادم؟

نتنياهو على حافة الانهيار السياسي: وسط هذا الزلزال الأمني، يقف رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام واقع داخلي شديد الاضطراب. حرب استنزاف مستمرة، انقسامات اجتماعية عميقة، وعزلة سياسية متصاعدة. عملية التسريب هذه قد تكون القشة التي تُقصم ظهر زعامته، خصوصًا إن تبيّن لاحقًا أن الإخفاق حدث في عهده وتحت إشراف أجهزته.

إذا كان ميزان القوى في الشرق الأوسط يُبنى على قواعد الردع والخداع والهيمنة المعلوماتية، فإن ما حصل في الأيام الأخيرة يُعيد رسم هذه القواعد. إسرائيل، ولأول مرة منذ نشأتها، تفقد سيطرتها على “رأس المعرفة” في أخطر ملفاتها.

وإيران، بصبر استراتيجي لافت، تُلوّح لا بالضربة… بل بالمعلومة كسلاح استراتيجي مؤجل، يُستخدم حين تتقاطع الظروف مع القرار.

المنطقة دخلت مرحلة جديدة، حيث لا تُحتَكَر الأسرار، ولا يُحمى الردع بالغموض وحده.

قد يعجبك ايضا