*فادي السمردلي يكتب: النزاعات الداخلية بين القيادات الحزبية معركة تهدد وجودها (٣٦/٢٣)*
*بقلم فادي زواد السمردلي* ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
*”مقالات دورية تُنشر كل أحد وثلاثاء وخميس، تتناول أسباب تُفشل الأحزاب.(٣٦/٢٣)”*
ماذا يعني النزاعات الداخلية بين القيادات الحزبية؟
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️
النزاعات والتنافس الشخصي بين القيادات الحزبية يمثل أحد العوامل الرئيسة التي تؤدي إلى ضعف الأحزاب السياسية وعدم استقرارها، حيث تتحول الأحزاب من كيانات تعمل على تحقيق أهداف وطنية وبرامج سياسية واضحة إلى ساحات للصراع الداخلي بين الشخصيات الطامحة للمناصب والنفوذ وهذه الصراعات غالبًا ما تبدأ بشكل غير ظاهر، عبر تباين وجهات النظر حول السياسات الداخلية للحزب أو التوجهات الاستراتيجية، لكنها سرعان ما تتطور إلى خلافات حادة عندما ترتبط بالمصالح الشخصية للقيادات ومع تزايد الطموحات الفردية، تتحول القيادة من إدارة الحزب نحو أهدافه الكبرى إلى ساحة صراع على المواقع المؤثرة داخله، مما يؤدي إلى تفككه بمرور الوقت فعند تعارض المصالح الشخصية للقيادات مع المصلحة العامة للحزب، تبدأ عمليات التكتل والتحالفات الداخلية التي تهدف إلى إقصاء بعض القيادات لصالح أخرى، مما يولد حالة من الانقسام وعدم الثقة داخل الحزب، ويتسبب في زعزعة استقراره.
غياب الانسجام بين الأعضاء هو نتيجة مباشرة لهذا التنافس، إذ يفقد الحزب قدرته على العمل ككتلة موحدة تمتلك رؤية سياسية واضحة ففي ظل النزاعات الداخلية، يصبح من الصعب على الحزب أن يتخذ قرارات متماسكة أو أن يضع سياسات متفق عليها، حيث تتصادم المصالح الشخصية وتتحول الاجتماعات والمداولات إلى ساحة للخلاف بدلاً من كونها وسيلة لتعزيز وحدة الحزب وهذا الاختلاف في التوجهات والرؤى يؤدي في كثير من الأحيان إلى انسحاب بعض القيادات وشعور بعض الأعضاء بالتهميش أو فقدان التأثير داخل الحزب، مما يجعلهم عرضة للانشقاق أو الانضمام إلى أحزاب أخرى وعندما تتكرر هذه الانشقاقات، يضعف الحزب بشكل ملحوظ، حيث يفقد بعضًا من قاعدته الشعبية، خاصة إذا كان المنشقون يمتلكون تأثيرًا كبيرًا داخل الحزب أو لديهم شعبية بين الناخبين.
إحدى أبرز الظواهر المصاحبة للتنافس الشخصي بين القيادات الحزبية هي الانشقاقات المتكررة، حيث يؤدي الصراع على النفوذ إلى خروج بعض القيادات وتأسيس أحزاب جديدة، مما يساهم في تشرذم المشهد السياسي ويؤثر على استقرار الحزب الأصلي فعندما يشعر بعض القادة بعدم القدرة على تحقيق طموحاتهم داخل الحزب بسبب الصراعات الداخلية، يتجهون إلى تشكيل كيانات سياسية جديدة، مستقطبين جزءًا من القاعدة الجماهيرية للحزب الأصلي، مما يضعفه ويحد من تأثيره السياسي وهذا التشرذم لا يضر فقط الحزب المنقسم، بل يضعف المشهد الحزبي بشكل عام، حيث يؤدي إلى تشتت الأصوات وخلق حالة من عدم الاستقرار السياسي وفي بعض الحالات، قد تتسبب هذه الانشقاقات في تشكيل تحالفات جديدة بين بعض الأحزاب، لكنها غالبًا ما تكون تحالفات هشة وغير قادرة على تحقيق استقرار سياسي على المدى الطويل، بسبب امتداد الخلافات الشخصية حتى إلى الأحزاب الجديدة.
النتائج المترتبة على هذه الصراعات الداخلية تكون كارثية على الحزب، حيث يفقد قوته أمام الأحزاب المنافسة التي قد تستغل انقسامه لصالحها فالخصوم السياسيون غالبًا ما يستخدمون هذه الصراعات كدليل على عدم قدرة الحزب على إدارة شؤونه الداخلية، مما يؤدي إلى تراجع شعبيته كما أن فقدان الاستقرار الداخلي يؤثر بشكل مباشر على ثقة الناخبين، حيث يعتبر الناخب الحزب غير المستقر عاجزًا عن تقديم حلول حقيقية للمشاكل الوطنية، ويفضل دعم أحزاب أخرى تبدو أكثر تماسكًا واستقرارًا وفوق كل ذلك، تعيق هذه الانقسامات تنفيذ أي برنامج سياسي للحزب، لأن الأولويات تصبح غير واضحة، والخلافات الداخلية تمنع اتخاذ قرارات حاسمة أو تنفيذ استراتيجيات طويلة الأمد، مما يجعله غير قادر على تحقيق أهدافه أو التأثير بفعالية في السياسات العامة للدولة.
في نهاية المطاف، يصبح الحزب الذي يعاني من تنافس شخصي بين قياداته ضعيفًا وغير قادر على مواجهة التحديات السياسية، مما يجعله إما عرضة للاندثار أو مجرد كيان هامشي بلا تأثير حقيقي في الساحة السياسية والحل الوحيد لتفادي هذه المعضلة يكمن في تعزيز قيم العمل الجماعي، ووضع مصلحة الحزب فوق المصالح الشخصية، وضبط آليات القيادة بطريقة تضمن تحقيق العدالة بين الأعضاء، حتى لا يتحول الحزب إلى ساحة لصراعات داخلية تدمره من الداخل.