عدنان عبدالله الجنيد لـ”Pravda TV”:روسيا تُعيد ترسيم الشرق الأوسط: توازن ردع يبدأ من بوشهر وينتهي في باب المندب

في لحظة تاريخية تتهاوى فيها خرائط الشرق الأوسط القديمة، وتسقط فيها تحالفات الهيمنة الواحد تلو الآخر، تبرز روسيا كلاعب محوري يعيد رسم معادلات الردع دون الحاجة لحروب شاملة، بل من خلال بناء هندسة استراتيجية جديدة، ترتكز على الردع الصامت وتحالفات القوة.

 عدنان عبدالله الجنيد  لـ”Pravda TV”:روسيا تُعيد ترسيم الشرق الأوسط: توازن ردع يبدأ من بوشهر وينتهي في باب المندب

في لحظة تاريخية تتهاوى فيها خرائط الشرق الأوسط القديمة، وتسقط فيها تحالفات الهيمنة الواحد تلو الآخر، تبرز روسيا كلاعب محوري يعيد رسم معادلات الردع دون الحاجة لحروب شاملة، بل من خلال بناء هندسة استراتيجية جديدة، ترتكز على الردع الصامت وتحالفات القوة.

من قلب بوشهر إلى باب المندب، ومن مياه الخليج إلى سواحل البحر الأحمر، يتشكّل محور إقليمي جديد، لا يستأذن أحدًا، ولا ينتظر موافقة مجلس الأمن، بل يفرض حضوره من الميدان إلى القرار السياسي.

في هذا التحليل السياسي الخاص بـ”Pravda TV”، يسلّط الكاتب والباحث السياسي عدنان عبدالله الجنيد الضوء على معادلات التوازن الجديدة، حيث تُمسك موسكو بالخيوط الدقيقة في الجو، وتَحرُس صنعاء البحر، وتُحصّن طهران الجبهة، فيما تنتظر المقاومة ساعة الصفر.

🔷 موسكو تدخل العلن: “لن تمرّ النيران فوق رؤوسنا”

في وقتٍ تنشغل فيه واشنطن بإشعال الجبهات من دون خطة واضحة للخروج منها، تتقدّم موسكو إلى المشهد الإقليمي، معلنة أنها لم تعُد في موقع المتفرّج. الرسالة كانت واضحة:

“إذا احترق الميدان، فلن نحترق صامتين.”

ورغم أن روسيا لم تطلق صاروخًا، فإنها وضعت فوق إيران درعًا استخباراتيًا لا يُرى، لكنه قادر على شلّ مراكز القرار في تل أبيب قبل أن تُصدر أوامرها.

وحين اندفع نتنياهو نحو مغامرة إسقاط النظام الإيراني، جاء الرد الروسي على لسان الرئيس فلاديمير بوتين:

“لا أريد حتى مناقشة احتمال قتل خامنئي.”

تصريح لم يكن مجرد موقف، بل إعلان رسمي عن خطوط حمراء روسية غير قابلة للتفاوض، وعابرة للحدود.

🔷 بوشهر: “عين الدب” لا تنام فوق منشآت التخصيب

 

حين قال بوتين:

“منشآت التخصيب لم تُمسّ”

فهو لم يكن يقرأ تقارير ميدانية، بل يُوجّه رسالة واضحة لواشنطن وتل أبيب:

“نحن هناك… وكل طلقة على بوشهر ستُحسب عليكم.”

وجود مئات الخبراء الروس في منشآت بوشهر ليس تفصيلًا تقنيًا، بل جزء من منظومة الردع الاستراتيجي.

أي استهداف لهم = تجاوز للخط الأحمر الروسي = احتمال انفجار مواجهة تتخطى حدود الشرق الأوسط.

🔷 نتنياهو أمام جدار الرد: طهران ليست دمشق

أراد نتنياهو أن يُكرّر سيناريو سقوط النظام السوري، لكنه تجاهل أن الجمهورية الإسلامية ليست نظامًا هشًّا بل كيان عقائدي متماسك، ومحصّن بمحور عابر للحدود.

إيران تُقاتل بعقيدة… وتتحصن بتحالف… وتستند إلى محور قوي:

من صواريخ اليمن،إلى معادلات الضاحية،إلى عيون موسكو المتربصة،إلى قيادة إيرانية لا تساوم.

🔷 اليمن: من الخاصرة المنهكة إلى حارس البحر الأحمر

في غفلة من الغرب، تحوّلت اليمن من خاصرة رخوة إلى رأس حربة إقليمية.

صنعاء اليوم تُدير البحر الأحمر كقوة بحرية إقليمية كاملة الأركان:

 

تُسيّر المسيّرات البحرية بدقة مذهلة،

تفرض مناطق حظر ملاحي بقواعد اشتباك صارمة،

وتُدير خطوط الملاحة من الحديدة كما لو كانت جزءًا من القيادة الإيرانية.

باب المندب لم يعُد ممرًا مائيًا فقط، بل خط اشتباك حيّ: أي سفينة دعم تمرّ… تُستهدف.أي قرار حرب يتجاهل صنعاء… يغرق.

 مضيق هرمز: فم التنين في قبضة المحور

 

أما الشريان الآخر، فهو مضيق هرمز.

رغم مرور ثلث صادرات النفط العالمي منه، فإنه أصبح منذ تبنّي طهران لعقيدة “الرد بالمثل”، ساحة اشتباك مفتوحة.

كل بارجة أميركية تحت الرصد،كل ناقلة تُشتبه بدعمها للعدو تُراقَب،وكل خطأ بسيط قد يعني إغلاق المضيق… لا حتى إشعار آخر، بل حتى قرار إيراني حازم.

 

هرمز في قبضة إيران… ووراءها محورٌ متكامل، تُدعمه موسكو بصمت ثقيل.

 

حين تقول روسيا:

“نريد الحفاظ على الأمن البحري”

فهي تقصد: “لا تعبثوا في فم التنين.”

 خارطة الرد الجديدة: روسيا تُدير… واليمن يَحرُس

روسيا تتحكم بتوازنات السماء والسياسة،

والصواريخ اليمنية تُعيد ترتيب خطوط الملاحة.

موسكو تُغلق المجال الجوي فوق إيران،وصنعاء تُسيطر على باب المندب.طهران تُحصّن الداخل،وحزب الله يُربك حسابات الجليل،واليمن يرسم حدود السيادة بالحديد والنار.

 من هرمز إلى بيروت… محور ردع متكامل

حين يؤكد بوتين أن إيران لم تطلب منظومات دفاعية روسية، فإنه لا يُقلّل من شأن قدراتها، بل يُعلن أنها أصبحت قادرة على حماية نفسها بذاتها، وأن روسيا تقف إلى جانبها لضمان بقاء قواعد الاشتباك قائمة.

المعادلة باتت واضحة:

روسيا لم تعُد ضامنًا فقط… بل شريكًا في ترسيم معادلات الشرق الأوسط الجديد.

من اليمن إلى إيران، لم يعُد الميدان يُدار بالبارجات فقط، بل بالعقيدة والمشروع.

الرسالة الكبرى التي تُفهم جيدًا في واشنطن وتل أبيب:

إذا سقطت طائرة إسرائيلية فوق بوشهر،فقد تُغرق حاملة أميركية في باب المندب.وإذا امتدت يد نحو خامنئي،فستُردّ من بيروت والحديدة وسامراء،وإذا اقتربت غواصة من هرمز،فقد يُغلق بختم النار، لا بقرار سياسي.

 

قد يعجبك ايضا