من المنتصر … !!!

المهندس هاشم نايل المجالي   …..

 

إعلان قرار الحرب على إيران من قبل إسرائيل لا بد وأن له أهدافًا بعيدة المدى، ولم يأتِ عبثًا أو من فراغ ، وهي كانت تلوّح به منذ أمد بعيد ، وتبحث عمّن يتحالف معها ، وفي مقدّمتهم أمريكا .
فهل فعلاً كان الهدف من وراء ذلك هو القضاء على المشروع النووي الإيراني، سواء كان منشآت أم عقولًا نابغة تعمل في هذا المجال أو غيره ؟
وهل كان الهدف من هذا الهجوم هو ضرب البنية التحتية، وإمكانية تغيير النظام إلى نظام يحمل التبعية المطلقة لإسرائيل ، لكن غير المُعلَن عنه من وراء هذا الهجوم وهذه الحرب، هو أخطر من المواجهة العسكرية وما تُخلّفه من دمار وقتل وتشريد.
إن هذه الحرب تأتي في ظل صراع للمشاريع الدينية، بالإضافة إلى المشاريع الاستعمارية ونهب الثروات ، وتحقيق كل الأهداف ، وعلى قمتها “إسرائيل الكبرى” من النيل إلى الفرات ، وهذا المشروع الإسرائيلي يتقاطع مع المشروع الإيراني، في التوسّع وإعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية، بالإضافة إلى المشروع التركي.
أي أن كل جهة تبحث عن وجودها لتتحكّم في مفاتيح المنطقة، وكل واحدٍ منها يريد أن يحافظ على كبريائه، أي أنها حرب الأذرع لتحقيق المصالح الذاتية، الدينية، والاستعمارية، فمن منهما سيصرخ أولاً؟
وهناك معايير للحرب قبل أن يُعلِن أي طرف منهما استسلامه أو هزيمته بشكل أو بآخر، وكل طرفٍ يستنجد بدولٍ حليفة تُسانده كي لا يخسر مشروعه التوسّعي.

فبدء الحرب أسهل بكثير من إنهائها، فنزيف الخسائر مستمر، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، فتوقّعت روسيا أن تنهيها بسرعة زمنية قصيرة، لكن دخول التحالفات الخارجية، وتضارب المصالح، زاد من الأمر سوءًا.
فهل ستتكرّر المسرحية ذاتها، خاصةً أن باكستان وروسيا والصين أعلنوا وقوفهم إلى جانب إيران، وتزويدها بكل ما تحتاجه لمواجهة التحالف الإسرائيلي الأمريكي ضد إيران .
وربما تجرّ هذه الحرب العالم إلى مواجهة بين هذه الدول العظمى، علمًا أن المشروع النووي الإيراني كان بالإمكان حله دبلوماسيًا، لكنه استُخدِم ذريعةً، والنووي وما يشكّله من خطر على المنطقة كان مبررًا لإسرائيل لشنّ هذا الهجوم على إيران، الذي لم يُحقّق أهدافه بالكامل، مما أدى إلى فشله.

وكانت ردود الفعل من إيران أكثر قوة ودمارًا على إسرائيل، التي بدأت تستغيث وتستنجد بأمريكا وبقية حلفائها، الذين لم يعُد لديهم القدرة والقوة على خوض حروب جديدة بتحالفات جديدة أنهكت قدراتهم العسكرية والاقتصادية ، والشعوب أصبحت أكثر وعيًا لما ستُخلّفه هذه التحالفات من ردود سلبية وعكسية.
فهي حروب كارثية، وإسرائيل الآن تخوض حروبًا على جبهات متعددة، وتبحث عن نصر في كل مكان لا تستطيع أن تُحقّقه ، حتى اليمن أصبحت من الدول التي بمقدورها أن تقصف إسرائيل بصواريخ بعيدة المدى حقّقت أهدافها بكل سهولة ، ولم يعُد بمقدور إسرائيل مواجهة هذا كله ، لأن عقلية شمشون ، أمريكا ، نتنياهو ، لا تريد السلام ، ولا الأمن والاستقرار ، ولا الجلوس إلى طاولة الحوار الهادف البنّاء ، للالتزام بمعاهدات السلام التي أُبرمت، فها هو شعبه يُشرَّد تحت الأرض وخارج البلاد، وها هي بنية إسرائيل تُدمَّر واقتصادها.
وكذلك، فهذه حرب ليس معروفًا متى نهايتها، ولا إلى ماذا ستسفر عنه، إذا ما دخلت القوى العظمى في صراع التحالفات، كما حدث في الحرب الروسية الأوكرانية.

قد يعجبك ايضا