أثر توحد الفصائل الفلسطينية في سبيل تحرير فلسطين

محي الدين غنيم   …..

تعتبر القضية الفلسطينية من أكثر القضايا تعقيدًا في العالم الحديث، ويعود ذلك إلى تعدد الأطراف المتدخلة وتراكمات الاحتلال الصهيوني المستمر منذ عام 1948، بالإضافة إلى الانقسام الداخلي الفلسطيني الذي شكل عقبة رئيسية أمام وحدة الصف والمقاومة. وفي هذا السياق، يبرز توحد الفصائل الفلسطينية كعامل جوهري وأساسي في دعم مسيرة التحرير وتعزيز قوة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.

والوحدة بين الفصائل الفلسطينية ليست خيارًا ثانويًا، بل ضرورة وطنية واستراتيجية لمواجهة التحديات السياسية والعسكرية والاقتصادية. فحين تتوحد الأهداف وتنسق الجهود بين حركات المقاومة والقيادات السياسية، تُبنى جبهة داخلية قوية قادرة على الصمود والمقاومة بكفاءة، وترتفع الروح المعنوية بين أبناء الشعب الفلسطيني، سواء داخل الوطن أو في الشتات.

وعندما توحدت الفصائل في بعض محطات النضال، كما حصل في انتفاضة الأقصى أو خلال الحروب على غزة، أظهرت المقاومة الفلسطينية قدرة غير مسبوقة على إرباك الاحتلال وفرض معادلات ردع جديدة. فالتنسيق بين الفصائل يؤدي إلى توزيع فعّال للمهام، وتبادل للمعلومات، واستثمار للموارد البشرية والعسكرية بشكل ممنهج ومدروس، مما يرفع من مستوى الكفاءة القتالية والسياسية على حد سواء.

وعلى الصعيد الدولي، يمنح توحد الفصائل خطابًا موحدًا أمام العالم، ويُفقد الاحتلال ورعاته الذرائع التي يستخدمونها لتبرير رفضهم للحوار أو السلام. كما يعزز الموقف الفلسطيني في المحافل الدولية ويمنح الشعب الفلسطيني تمثيلًا سياسيًا أقوى، الأمر الذي قد يؤدي إلى المزيد من الاعترافات الدولية بالحقوق الفلسطينية، وفرض عزلة أكبر على الاحتلال.

ورغم أهمية الوحدة، إلا أن الفصائل الفلسطينية واجهت عقبات عديدة، منها التباينات الأيديولوجية، والصراعات على السلطة، والتدخلات الخارجية التي سعت دومًا إلى تغذية الانقسام. ولكن تجاوز هذه العقبات ممكن من خلال بناء رؤية وطنية جامعة تقوم على الشراكة السياسية، والتمسك بثوابت القضية، وتقديم المصلحة الوطنية العليا على الحسابات الفئوية والضيقة.

إن توحد الفصائل الفلسطينية ليس مجرد شعار سياسي، بل مفتاح حقيقي لتحرير فلسطين واستعادة الحقوق المسلوبة. فكما أثبت التاريخ، لا يمكن لأي شعب أن يحقق استقلاله في ظل الانقسام والتشرذم. ومن هنا، فإن السعي نحو الوحدة الوطنية يجب أن يكون مشروعًا دائمًا، يُبنى عليه مستقبل النضال الفلسطيني، ويكون منارة أمل لكل الأحرار في العالم.

الكاتب من الأردن

 

قد يعجبك ايضا