*فادي السمردلي يكتب: التحالفات التي تُبنى على الزعامة لا الرؤية عامل رئيس في فشل الأحزاب (٣٦/٣٠)*
*بقلم فادي زواد السمردلي* …..
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
*”مقالات دورية تُنشر كل أحد وثلاثاء وخميس، تتناول أسباب تُفشل الأحزاب (٣٦/٣٠)”*
☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️☝️
ماذا يعني التحالفات التي تُبنى على الزعامة لا الرؤية؟
يعد التنسيق بين الأحزاب المتحالفة عنصرًا حاسمًا في نجاح التحالفات السياسية، حيث يضمن وحدة الصف، وفعالية اتخاذ القرار، وتنفيذ البرامج السياسية بشكل متماسك. ومع ذلك، فإن ضعف هذا التنسيق يمكن أن يؤدي إلى خلل كبير في استقرار التحالفات السياسية، مما ينعكس سلبًا على أداء الأحزاب المتحالفة وقدرتها على تحقيق أهدافها المشتركة.
وتنبع هذه المشكلة من عدة عوامل مترابطة، من أبرزها عدم وضوح الأهداف المشتركة بين الأحزاب المتحالفة، حيث تدخل بعض الأحزاب في تحالفات بناءً على مصالح قصيرة الأمد مثل الفوز في الانتخابات أو تمرير سياسات مرحلية، دون أن تكون هناك رؤية طويلة المدى تضمن استدامة التحالف ويؤدي هذا إلى اختلاف في الأولويات والأجندات السياسية، مما يخلق حالة من الفوضى داخل التحالف، إذ يسعى كل حزب لتحقيق مصالحه الخاصة دون الالتزام الكامل بمصالح التحالف ككل كما أن بعض الأحزاب قد تنظر إلى التحالفات كأدوات لتحقيق مكاسب تكتيكية بدلاً من كونها شراكات استراتيجية، مما يجعلها أقل التزامًا بتعزيز التنسيق والتعاون مع شركائها السياسيين.
إضافة إلى ذلك، فإن غياب آليات التنسيق الفعالة يعمّق أزمة التحالفات السياسية، حيث تحتاج الأحزاب المتحالفة إلى قنوات تواصل منتظمة لضمان التنسيق في القرارات والمواقف السياسية فعندما تفتقر هذه التحالفات إلى هياكل تنظيمية واضحة وآليات رسمية لإدارة العلاقة بين الأطراف المتحالفة، تبرز الخلافات بسهولة، خاصة في ظل غياب اجتماعات دورية لمناقشة القضايا المشتركة وتوحيد المواقف تجاه الملفات المهمة كما أن عدم وجود لجان أو فرق عمل مشتركة بين الأحزاب المتحالفة يفاقم من مشكلة ضعف التنسيق، حيث تتخذ كل جهة قرارات منفردة دون التشاور مع حلفائها، مما يؤدي إلى تضارب السياسات والقرارات. بالإضافة إلى ذلك، فإن ضعف التنسيق الإعلامي بين الأحزاب المتحالفة يخلق حالة من التشويش في الخطاب السياسي، حيث قد تصدر تصريحات متناقضة من أعضاء التحالف، مما يضعف مصداقيته أمام الرأي العام ويجعله عرضة لهجمات الخصوم السياسيين.
ويُضاف إلى كل ذلك عامل بالغ الأهمية، وهو غياب القيادات التوافقية القادرة على بناء أرضية مشتركة بين الفرقاء داخل التحالف الواحد. فحين يفتقر التحالف إلى شخصيات قيادية تتسم بالحكمة والقدرة على التوفيق بين وجهات النظر، تتعاظم فرص الانقسام، ويصعب احتواء الخلافات قبل أن تتحول إلى أزمات. كما أن التركيز المفرط على الزعامة الفردية، على حساب المشروع الجماعي، يدفع بعض القادة إلى تغليب مصالحهم الشخصية على حساب وحدة التحالف، وهو ما يُعمق الفجوةv بين الشركاء السياسيين ويضعف فرص النجاح الجماعي.
نتيجة لهذه العوامل، تصبح التحالفات السياسية هشة وسريعة التفكك، حيث لا تتمتع بالمرونة والقدرة على مواجهة الأزمات والخلافات الداخلية. فبدون وجود رؤية موحدة، تصبح التحالفات عرضة للتفكك عند أول خلاف سياسي، سواء كان متعلقًا بتوزيع المناصب أو تبني مواقف سياسية معينة أو التعامل مع القضايا الوطنية. كما أن بعض الأحزاب قد تنسحب من التحالف بمجرد أن تجد أن مصالحها لم تعد مضمونة داخله، مما يؤدي إلى انهياره بشكل سريع. ومن الأمثلة الشائعة على ذلك، التحالفات التي تنهار بعد الانتخابات مباشرة بسبب الخلاف على تشكيل الحكومات أو توزيع الحقائب الوزارية، حيث يظهر غياب التنسيق الحقيقي بين الأطراف المتحالفة، مما يجعل هذه التحالفات قصيرة العمر وغير مؤثرة.
ويترتب على هذا الضعف في التنسيق مجموعة من النتائج السلبية التي تؤثر بشكل مباشر على مستقبل الأحزاب المتحالفة، حيث يؤدي إلى فقدان الحزب لنفوذه داخل الساحة السياسية. فعندما يكون الحزب جزءًا من تحالفات غير مستقرة، فإنه يخسر مصداقيته أمام الناخبين، كما أن تكرار الخلافات الداخلية يجعله غير قادر على فرض رؤيته السياسية أو تحقيق إنجازات ملموسة. إلى جانب ذلك، فإن تكرار الأزمات داخل التحالفات يضعفها باستمرار، حيث يؤدي استمرار الخلافات وعدم التنسيق إلى حالة من الفوضى السياسية، مما يجعل التحالف غير قادر على مواجهة خصومه السياسيين أو تحقيق مكاسب استراتيجية طويلة الأمد. وفي كثير من الأحيان، قد تستغل الأحزاب المنافسة هذه الخلافات لإضعاف التحالفات وزرع الشكوك بين أعضائها، مما يعجّل بانهيارها.
علاوة على ذلك، فإن عدم القدرة على تنفيذ أجندة سياسية متماسكة يعد أحد أبرز نتائج ضعف التنسيق بين الحلفاء السياسيين. فعندما يكون التحالف غير قادر على توحيد مواقفه، فإنه يصبح عاجزًا عن تنفيذ برامجه أو تحقيق وعوده للناخبين، مما يؤدي إلى فقدان التأييد الشعبي. وقد تواجه الحكومات الائتلافية، التي تقوم على تحالفات حزبية، صعوبات في تنفيذ سياساتها عندما تكون مكوناتها غير متفقة على الأولويات، مما يؤدي إلى شلل سياسي أو ضعف في الأداء الحكومي. وهذا الأمر يضر بالمصلحة العامة، حيث تصبح القرارات الحكومية مترددة وغير فعالة، مما ينعكس سلبًا على الاستقرار السياسي والاقتصادي للبلاد.
في النهاية، يمكن القول إن ضعف التنسيق مع الحلفاء السياسيين يمثل تحديًا جوهريًا يهدد استقرار التحالفات السياسية وقدرة الأحزاب على تحقيق أهدافها. لذا، من الضروري أن تعمل الأحزاب على تعزيز آليات التواصل والتنسيق، ووضع استراتيجيات واضحة لإدارة التحالفات، إضافة إلى تبني نهج أكثر شفافية في تحديد الأهداف المشتركة. كما أن بناء تحالفات على أسس متينة ومستدامة، بدلاً من تحالفات مؤقتة قائمة على المصالح الآنية، يمكن أن يسهم في تعزيز استقرار المشهد السياسي وضمان قدرة الأحزاب على تحقيق رؤاها وبرامجها بفعالية أكبر.
الكاتب من الأردن