عندما تتغنّى الدولة بقص شوارب الدروز… وخطر حكم الجماعات الإسلامية المتطرفة

محي الدين غنيم   ….

 

في الوقت الذي يُفترض فيه أن تحرص الدولة على حفظ كرامة مواطنيها دون تمييز، تطالعنا بعض الخطابات والممارسات الرسمية أو الميليشياوية بالتفاخر بما يسمى “قص شوارب الدروز”، في مشهد يختزل الإهانة والاستعلاء على مكون وطني أصيل من مكونات المجتمع السوري. هذا السلوك، مهما حاول البعض تبريره كاستعراض للقوة أو فرض للهيبة، لا يعكس إلا حالة الانحدار الأخلاقي والسياسي، ويكشف مدى هشاشة الخطاب الذي يستبدل الكرامة بالترهيب.

إن استهداف الدروز أو غيرهم من الأقليات، سواء بالإقصاء أو بالتحقير الرمزي، هو نهج لا يصنع هيبة لدولة، بل يفتح الباب واسعًا نحو الانقسام والاحتراب. فالدروز، الذين عرفوا تاريخيًا بتمسكهم بأرضهم ومواقفهم الوطنية، لم يخضعوا لمشاريع الإذلال، ورفضوا الخضوع لكل من حاول كسر إرادتهم، سواء عبر سطوة النظام أو تحت تهديد الجماعات المتطرفة.

وهنا تكمن المعضلة الأكبر: صعود الجماعات الإسلامية المتطرفة في ظل فراغ الدولة وانحسار مؤسساتها. هذه الجماعات، التي تنشر خطابًا تكفيريًا إقصائيًا، تمثل تهديدًا وجوديًا لكل من يخالفها، بل تهدد مفهوم الوطن ذاته، وتحول الدولة من كيان جامع إلى إمارة مذهبية تفرض رؤيتها بالقوة والتكفير.

النتيجة أن الشعب السوري يجد نفسه بين فكي كماشة: من جهة نظام قمعي أو ميليشيات تعبث بكرامة المواطنين، ومن جهة أخرى جماعات متطرفة تستغل هذا الضعف لتبني مشروعًا لا يقل ظلامية وخطرًا. وفي الحالتين، يغيب القانون وتحضر الفوضى، وتُهدد وحدة الوطن ومستقبل أجياله.

إن ما يحتاجه السوريون اليوم هو دولة مدنية جامعة، تحمي الحقوق وتصون الكرامة، وتحترم جميع المكونات دون تمييز. دولة تُعيد الاعتبار للمواطنة، وترفض الإهانة والتكفير، وتؤمن بأن الهيبة الحقيقية تُبنى بالعدالة لا بالإذلال، وبالمساواة لا بالإقصاء.

وإلى أن نصل إلى تلك الدولة، سيبقى كل تهليل لإهانة مكون، وكل دعم لجماعة متطرفة، هو خطوة جديدة على طريق الانهيار.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا