غزة.. وصحوة الضمير الإنساني
عبدالواسع صايل الغولي ….
حرب‘ حصار‘ إبادة جماعية‘ في حربٍ غير مُتكافئة العدد والعُدة‘ ومابين حرب التجويع‘ وصمت الوَفرة‘ في قضية أحقيتُها لايختلف عليها اثنان‘ ولا يقف موقف الحياد فيها‘ ناهيك من أن يكون مشاركًا وأحد الأرقام في هذه الحرب‘ ومن هنا يتجلى للجميع موت الضمير الإنساني‘ من صحوته!
صمت وتخاذل‘ وعمالة وتطبيع‘ وارتزاق وارتهان‘ اتجه وللأسف الكثير من أبناء الأمة لخيار الصمت والتفرج من بعيد‘ والبعض الآخر اختار لنفسه أن يكون أداة وقفاز لحماية الأمريكي والإسرائيلي‘ والبعض الآخر اكتفاء بالدعاء‘ والأفضع والأجرم ومما يُثير الدهشة والإستغراب هو أن هناك من يرمي بِاللّوم تجاه ما يحصل في “غزة” وأن سبب هذا الظلم والإجرام والجرائم‘ هو المجاهدين‘ وبسبب خيار التصدي لقوى الطاغوت والعمالة!
نعم هناك من كفّر حماس‘ ودعا الجميع أن لا يسندوها ولايقفوا معها‘ هناك من كفّر جميع الفصائل والحركات‘ والأحزاب والشعوب التي اختارت خيار المساندة والدعم والمشاركة في “معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس”!
وهناك والأبشع من هذا كله من يبرر لكيان العدو جرائمه!‘ نعم يبرر كل تلك الجرائم التي يشيب لها الرأس‘ ويحترق لها الفؤاد عندما يُشاهدها‘ فلا صراخ الأمهات والأباء واحتراق قلوبهم لفقدان فلذات أكبادهم أثر فيه! ‘ ولا نواح وخوف الأطفال عندما يشاهدون جثث أهاليهم مُتفحمة‘ ولم تُؤثر فيه تلك الوجوه التي كانت أقمارًا وبدورًا وأصبحت شيخوخةً هامدة وذابلة يصعب النظر إليها‘ ليس لأنهم أصبحوا كبارًا في السن‘ بل لأن الجوع والعطش قضا عليهم‘ وأصبحوا أجسامًا نحِيلة‘ بل أن الكثير يتساقطون ويموتون من شدة الجوع!
ولكن هناك وإن كانوا قليل‘ ممن يعيشون صحوة الضمير‘ والدماء الحرة تجري في عروقهم‘ لم يرضوا بما يحصل في “غزة” هناك القادة و المجاهدون‘ وهناك العلماء والمثقفون‘ وهناك الكُتّاب والنخب‘ وهناك الشعوب الحُرة‘ هناك من خرج متظاهرًا مدينًا مستنكرًا ساخطًا ماقِتًا لكيان العدو الإسرائيلي اللعين‘ وهناك من سارع مسرعًا في خيار المقاطعة الاقتصادية وبادر في حملات الإنفاق والمساندة للشعب الفلسطيني‘ وهناك من سعَ ليقول وبكل بسالة وشجاعة وإن كان في دول الكفر والنفاق “لا لحرب الإبادة والتجويع”‘ وهناك من عظم أجره وابتغَ الوسيلة لله سبحانه وتعالى‘ وجاهد في سبيله بنفسه وماله‘ وأطلق الصواريخ والحمم والنيران على كيان العدو اللقيط‘ ليس لأنه من الدول المتقدمة اقتصاديًا‘ وليس لأنه من الدول العظمى في عقول وسياسات البعض‘ بل لأنه شعب “الإيمان والحكمة” نعم إنه “اليمن” الذي أثبت فشل هذا الكيان‘ وأن السنن الإلهية ما زالت ثابتة‘ وأن هذا الكيان أهون من “بيت العنكبوت”‘ وفرض حصارًا بحريًا‘ وضرب المطارات‘ وحاصر الموانئ‘ لكيان العدو‘ وأصبح نموذجًا يقتدى به في التحرك والتوكل على الله سبحانه وتعالى.
وتبقى الشعوب حُرة مالم تكن مُكبلة‘ فاليوم لا يعفى كل إنسان عمّا يحصل في “غزة” وإن كانت السلطات خائنة ومطبعة‘ فالشعوب لابد لها أن تثور وتحدد موقفها‘ وتزلزل عروش الطغاة والمستكبرين‘ وتثبت أنها قادرة على أخذ حقها‘ وكسر أيدي وتحطيم رؤوس من يتطاولون عليها.
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْـمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْـمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ}.