فادي السمردلي يكتب:الأحزاب التي تُقصي شبابها بيدها تكتب شهادة وفاتها
بقلم فادي زواد السمردلي ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
👈 تنويه مهم: هذا المقال يتحدث عن حالة عامة يمكن أن تحدث في أي حزب أو مكان، وأي تشابه مع أحزاب أو أشخاص أو وقائع محددة هو محض صدفة غير مقصودة. 👉
تخيل حزبًا يملأ قاعاته بالشعارات ويزخرف جدرانه بصور قياداته، لكنه في الواقع يعيش على أجهزة الإنعاش… السبب؟ أنه قرر أن يُقصي شبابه، ويتركهم خلف الأبواب المغلقة.ففي الظاهر يبدو الحزب قويًا ومتماسكًا، لكن الحقيقة أن ساعته تدق… ودقات النهاية تأتي من الداخل، من أولئك الذين كان يمكن أن يكونوا منقذيه، لكنه اختار أن يكمم أفواههم.
الحزب، أي حزب، ليس مقرًا يملأه الأثاث الفاخر، ولا مؤتمرات تتكدس فيها الكلمات الرنانة، ولا بيانات صحفية تُنسخ وتُلصق كل موسم انتخابي فالحزب الحقيقي هو روح أعضائه، وخصوصًا شبابه. هو ذلك البريق في أعينهم، والحماسة في أصواتهم، والجرأة في أفكارهم فإذا كانت هذه الروح مُحتضنة، مُحفزة، مُشجعة على الإبداع، كان الحزب شابًا وقويًا أما إذا جرى تهميشها أو قمعها أو التعامل معها كأداة عرض، فإن الحزب يصبح مثل جسد بلا قلب، مهما تحرك ظاهريًا، فهو يحتضر.
بعض الأحزاب تتعامل مع شبابها كما تتعامل العائلة مع ضيوف العيد تخرجهم وقت الحاجة، تلبسهم ثيابًا جميلة، وتطلب منهم الابتسامات، ثم تعيدهم إلى الظل بمجرد انتهاء العرض فهذا التعامل السطحي يحوّل الحزب إلى كيان مُتكلس يعيش على الصور التذكارية بدل أن يعيش على التفاعل الحقيقي فالشباب ليسوا لافتة دعائية، بل هم القوة التي تصنع الفكر السياسي، وتجدد الدم، وتكسر رتابة الخطاب.
حين يسيطر جيل واحد على الحزب لعقود، ويغلق الباب أمام دخول دماء جديدة، فهو لا يحافظ على الاستقرار كما يتوهم، بل يحافظ على الركود فالشباب هم من يجرؤون على كسر التابوهات، طرح الأسئلة المزعجة، وتحدي الخطابات الجاهزة والحزب الذي لا يسمح لهم بذلك، يتآكل من الداخل حتى لو ظل قائمًا بالاسم.
الأحزاب التي تُقصي شبابها، تُقصي معها فرص التجديد الاقتصادي والاجتماعي ففي زمن تتغير فيه مصادر الثروة من النفط إلى العقول، ومن الأراضي إلى الأفكار، يصبح الشاب صاحب الابتكار أكثر أهمية من أي بيان حزبي طويل ففكرة واحدة من عقل شاب جريء قد تُعيد تشكيل برنامج الحزب بالكامل، وقد تضعه في قلب المشهد بدل أن يظل ذيلًا في اللعبة السياسية.
الحزب الذي يُفرض على شبابه خطابًا ثقافيًا ميتًا، أو أغاني وشعارات من جيل آخر، يقتل أي حماس داخلي فالشباب اليوم يعيشون في عالم مفتوح، يتفاعلون مع ثقافات متعددة، ولغتهم سريعة وعصرية وتجاهل هذا الواقع يعزل الحزب داخل متحف سياسي، يزوره الناس بدافع الفضول لا بدافع الانتماء.
في زمن الحروب الرقمية والإعلامية، الشباب هم الجبهة الأمامية فهم الذين يعرفون كيف يصنعون المحتوى، وكيف يحمون صورة الحزب من التشويه، وكيف يخلقون التأثير خلال دقائق فالحزب الذي لا يشرك شبابه في هذه الساحات، كمن يذهب إلى المعركة بدون درع.
تمكين المرأة الشابة داخل الأحزاب ليس رفاهية ولا تجميلًا للواجهة، بل ضرورة سياسية فتجاهل الشابات الموهوبات يضيع نصف إمكانات الحزب، بل وأكثر، لأنه يحرم أجيالًا كاملة من رؤية قدوة نسائية في القيادة.
الشاب الذي لا يجد لنفسه مكانًا حقيقيًا في الحزب، سيفقد شعور الانتماء إليه وحين يزول الانتماء، لا يبقى إلا الحياد أو الغضب أو الهجرة نحو بدائل أكثر حيوية فالحزب الذي يفقد ولاء شبابه، يفقد مستقبله، مهما كان ماضيه عظيمًا.
في النهاية، الأحزاب التي تُقصي شبابها تعتقد أنها تحافظ على “النظام” و”الخبرة”، لكنها في الواقع تحافظ على الموت البطيء فالشباب الذين لا يجدون دورًا، لا يظلون واقفين عند الباب ينتظرون الفرج، بل يرحلون أو ينقلبون أو يتركون الحزب يشيخ حتى ينهار فلا يوجد طريق ثالث إما أن يقوى الحزب بشبابه، أو يضعف بغيابهم… ولا شيء بين الاثنين. والحزب الذي يخاف من شبابه لا يخاف على نفسه… بل يسرع إلى نهايته ومن يمنع الجيل الجديد من القيادة، يفتح باب التاريخ ليكتب اسمه في قائمة المنقرضين.
الكاتب من الأردن