إسرائيل بعد قتلها للصحفيين تمر في أسوأ أيامها … وإيران للبنان : لستم وحدكم في الميدان

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات  …..

 

مهما إستفحلت إسرائيل بعمليات القتل والتدمير لكل مرافق الحياة والإبادة الجماعية وقتل الصحفيين وتجويع الأطفال، فالمعركة لم ولن تُحسم لصالح المعسكر الإسرائيلي مهما طال الزمن أو أرتفع منسوب القتل والدمار، أقولها كمراقب ومحامي دولي هذا ليس خطاباً تعبوياً ولا تمنيات، بل خلاصة ما يجري أمام أعيننا : إسرائيل عالقة في غزة، تتلقى الضربات الموجعة يومياً، بينما خطوطها الداخلية تتصدع، وقيادتها السياسية والعسكرية تتناحر في العلن، في قلب تل أبيب، يجلس المجرم النتن ياهو والمطلوب للعدالة الدولية والصادر به مذكرات إعتقال من أعلى مرفق قانوني دولي على مقعد الإتهام، مقيداً بمواعيد إلزامية ثلاث مرات في الأسبوع، بينما جنوده يسقطون في الشجاعية وخزاعة وخانيونس، ووزير حربه يرفض إستقبال رئيس الأركان، ويجمّد تعيينات الجيش، ورئيس الأركان يتجاهله ويستمر في قراراته وكأن الحكومة غير موجودة، هذه ليست دولة واثقة من نفسها، بل جهاز منهك يتآكله الشك وأنعدام الثقة.
أما الميدان فهو الشاهد على الإهانة اليومية ألتى لا يستطيع إعلامهم حجبها : قنص ثلاثة جنود هنا، تدمير دبابة ميركافا بنسبة الصفر هناك، عمليات المقاومة البطولية ليست إستعراضاً، بل خطة إستنزاف محسوبة تُفقد الجيش الإسرائيلي زمام المبادرة وتجعله يلهث خلف الوهم، وفي هذه اللحظة، تتحرك طهران ألتي لقنت هذا الكيان الغاصب دروساً بالصمود بزيارة الدبلوماسي المخضرم والمحافظ الملتزم علي لاريجاني إلى العراق، والزيارة المرتقبة إلى بيروت، ليست زيارات مجاملة ولا سياحة دبلوماسية، إنها إعلان بأن إيران تضع يدها في قلب المعركة، وتربط جبهات غزة ولبنان واليمن في خيط واحد، عنوانه : “لن نترك الساحة لإسرائيل، ولن نترك لبنان يواجه مصيره وحده “.
إيران لا تخاطب هنا طائفة أو فئة أو حزباً بعينه، بل كل اللبنانيين، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، رسالتها أن أمن لبنان جزءاً من أمن الإقليم، وأن الدفاع عنه سيكون بكل الوسائل المتاحة : السياسية، الإقتصادية، والعسكرية إذا لزم الأمر، فهي تدرك أن أي عدوان شامل على لبنان لن يفرّق بين مسلم ومسيحي، ولا بين منطقة وأخرى، وبالتالي فإن حماية اللبنانيين جميعًا هي واجب إستراتيجي ومحوري في حسابات محور المقاومة.
لبنان اليوم أمام فرصة وواجب، الفرصة أن المعسكر المعادي لإسرائيل أعاد رسم خطوط الأشتباك بحيث يمنع تل أبيب من المغامرة في الشمال، والواجب أن يدرك اللبنانيون أن الإنتصار في غزة يعني تعزيز أمنهم، وأن سقوط غزة – لا قدر الله – يعني أن الجنوب سيكون الهدف التالي، ثم ما بعده.
إسرائيل الآن تُصارع ظلها، كل خطوة تخطوها تُفضح داخلياً وخارجياً : أنقسام قيادتها، فقدان ثقة جمهورها، تراجع دعم حلفائها الغربيين، وتحوّل كل يوم إضافي في الحرب إلى خسارة سياسية ومعنوية وعسكرية وعزلة دولية، في النهاية، الهزيمة لن تأتي على شكل أعلام بيضاء، بل على شكل إنسحاب مرتبك من غزة، وانكفاء إستراتيجي عن الجبهات، واعتراف ضمني بأن مشروع ” الحسم ” كان كذبة كبيرة، وهنا، على كل من يراهن على زمن طويل لصالح تل أبيب أن يعيد حساباته، الوقت يعمل ضدهم بعد مرور سنتين على الإبادة الجماعية، وضد مشروعهم التوسعي وضد وجودهم نفسه، وإيران بقيادتها الحكيمة تقول للبنان : لستم وحدكم، نحن هنا لنحمي وطناً وشعباً بكل مكوّناته.

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا