فادي السمردلي يكتب:القائد الحقيقي يكتب بقراره لا بأوامر غيره فلا يؤتمر يكتب فيكتب ولا تكتب فلا يكتب

قلم فادي زواد السمردلي  ….

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

صاحب القرار لا يؤتمر بأن يكتب أو لا يكتب، فالقيادة الحقيقية ليست مظهرًا خارجيًا أو منصبًا فخمًا يُعلّق على الأبواب، بل هي موقف ثابت ينبع من شخصية قادرة على اتخاذ القرار في اللحظة التي تتطلبه، لا في اللحظة التي يُؤذن لها بذلك فالقائد الحقيقي لا يعيش أسير التعليمات، ولا ينتظر من يحدد له متى يتكلم ومتى يصمت، متى يكتب ومتى يمتنع عن الكتابة فالقرار بالنسبة له ليس امتيازًا يمنحه الآخرون، بل هو حق وواجب أصيل من صميم موقعه ومسؤوليته وأما حين يتحول صاحب المنصب إلى أداة تُحرّكها أوامر الغير فإننا لا نكون أمام قائد بالمعنى الحقيقي بل أمام منفذ للأوامر مجرد صدى لصوت آخر يقرر مكانه ويختار عنه حتى في أبسط التفاصيل لا يستطع حتى أن يرفع راسه.

القائد الذي لا يملك حرية الكلمة لا يملك حرية الفعل ومن لا يملك حرية الفعل لا يستحق لقب القيادة لأن القيادة في جوهرها فعل مستقل نابع من إرادة حرة وليست دورًا تمثيليًا يؤديه صاحبه على خشبة مسرح أُعدّت نصوصه مسبقًا فما أسهل أن تجلس على كرسي القرار وما أصعب أن تتحمل تبعات اتخاذه فالفرق بين القائد الأصيل و”القائد الورقي” أن الأول يواجه الواقع بقراره أما الثاني فيختبئ خلف قرارات الآخرين متذرعًا بالتعليمات والظروف حتى يصبح وجوده أو عدمه سواء

إن الخطر الأكبر في القائد الذي يُؤتمر أمرًا أن يتحول إلى عنصر معطل داخل منظومته فبدل أن يكون مصدر إلهام ودافعًا للتغيير يصبح عقبة أمام المبادرة لأنه ينتظر دائمًا من يحدد له المسار وعندما تتكرر هذه الحالة في أكثر من موقع تتجمد المؤسسات وتفقد قدرتها على التفاعل السريع مع الأحداث لأن كل خطوة تصبح رهينة بإشارة من خارجها وهنا لا يفقد القائد فقط قيمته بل تتحول القيادة إلى شكل بلا مضمون إلى ديكور متقن الإخراج لكن فارغ المضمون أشبه بدمية أطفال تتحرك وفق أوامر ريموت كونترول تبتسم وتلوح حين يُراد لها ذلك وتصمت حين يُضغط زر الصمت

القائد الذي يكتب لأنه قرر الكتابة أو يمتنع لأنه رأى أن الامتناع أنسب هو القائد الذي يفرض احترامه حتى على خصومه بينما القائد الذي ينتظر من يحدد له متى يحرك قلمه أو يطلق تصريحًا أو يتخذ إجراءً هو في الحقيقة تابع يتلقى أوامره مثل أي موظف صغير في أدنى السلم الوظيفي والفرق الجوهري بين القائد والموظف أن الموظف يعمل وفق تعليمات عليا أما القائد فهو من يصنع هذه التعليمات ويحدد وجهتها

القيادة ليست امتثالًا أعمى بل قدرة على التقدير وتحمل تبعات القرار. قد يخطئ القائد المستقل في قراره لكن خطأه يبقى جزءًا من خبرته وتجربته أما القائد الذي لا يملك قراره فلا يخطئ ولا يصيب لأنه في الأصل لا يقرر وهنا يصبح الخطر مضاعفًا لأننا أمام شخص يملك موقعًا بلا سلطة حقيقية ويمارس دورًا بلا قناعة ويؤثر في الآخرين دون أن يدرك أو يختار كيف يفعل ذلك

عندما يفقد القائد إرادته تتحول القيادة من مسؤولية إلى وظيفة شكلية ومن أداة للتغيير إلى أداة لتثبيت الوضع القائم. فالمؤسسات تحتاج إلى قادة يصنعون المواقف لا إلى منفذين ينتظرون التعليمات وكلما ابتعد القائد عن روح المبادرة كلما اقترب من أن يكون جزءًا من مشكلة المؤسسة لا جزءًا من حلها

وفي النهاية القيادة ليست مجرد لقب أو سلطة بل هي امتحان يومي للإرادة والقرار ومن يقبل بأن يُملى عليه ما يكتب أو ما لا يكتب يضع نفسه طوعًا في خانة التابع لا المتبوع والظل لا الأصل والواجهة لا الجوهر

وفي الختام نؤكد للذين قد يزعجهم المقال بإن هذا النص لا يقصد به أي شخص أو جهة بعينها بل هو طرح عام يتناول مفهوم القيادة وأبعاده بعيدًا عن أي إسقاط شخصي أو توجيه اتهام فردي

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا