طوفان القلم المقاوم في زمن الخذلان

إسماء الجرادي  ….

 

من قلب الطوفان، ومن بين أنين الشعوب وتواطؤ الأنظمة، ومن وهج الطلقات وهدير الصواريخ والمسيرات، وُلد القلم المقاوم ليكون رفيقًا وكتفًا، لا تابعًا ولا متأخرًا.
ومع اقتراب الذكرى الثانية لطوفان الأقصى، يأتي طوفان القلم المقاوم ليؤكد أن الكلمة الحرة لا تُهزم، وأن الكاتب المقاوم هو من يقاتل بالحرف كما يُقاتل المجاهد بالسلاح. لقد عاش الكاتب اليمني الاحداث ودونها وواجه بكلماته وقاوم، كما تفعل تلك الصواريخ والطائرات التي انطلقت لضرب الصهاينة الغاصبين ، دفاعًا عن إخوتنا في غزة. فكانت الكلمة جبهة لا تقل ضراوة عن الميدان، بل كانت رفيقة الرصاصة، تسير معها وتشد أزرها، وجميعها من ارض اليمن السند والمدد.

لقد أطلّ علينا الكاتب اليمني الثائر عدنان الجنيد بكتابه الجديد طوفان القلم المقاوم ، ليخلّد الحدث والكلمة، ويجعل من الحرف جبهة، ومن الأسطر طلقات تصيب العدو في خاصرته الإعلامية والسياسية، وتفضح زيفه وتكشف جرائمه.

إصدار هذا الكتاب في هذا التوقيت هو فعل مقاوم واعٍ، يحمل رمزية قوية تربط بين الطوفانين: طوفان الأقصى الذي اجتاح الصهاينة، وطوفان القلم الذي اجتاح الصمت والتخاذل العالمي، ليكتب الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تلميع، وبلا خوف أو مجاملة.

مضى عامان كان فيهما الكاتب راصدًا للأحداث، وشاهدًا حيًا، ومجاهدًا بالكلمة، عاش تفاصيل العدوان لحظة بلحظة، ودوّنها بقلبه قبل قلمه، فكانت كتاباته صوتًا للمظلومين، وصرخة في وجه المحتلين، وموقفًا وطنيًا شريفًا يعكس روح اليمن المقاوم، الذي لم يتخلّ يومًا عن قضيته المركزية: فلسطين.

في طوفان القلم المقاوم ، جمع الجنيد خلاصة مشاركاته وتحليلاته وكتاباته التي واكبت طوفان الأقصى منذ انطلاقه، مرورًا بكل الأحداث المتصلة التي تلته: من صمود غزة، إلى مواقف المقاومة اللبنانية، إلى استشهاد القادة، إلى الاعتداءات الأمريكية والبريطانية والصهيونية على اليمن، إلى العدوان على إيران والرد الإيراني من الوعد الصادق 1 إلى الوعد الصادق 3 ، وصولًا إلى فضح حالة الصمت العربي المخزي، والخذلان الرسمي الذي اوجع الأمة في لحظة كانت تحتاج فيها إلى موقف واحد وصرخة واحدة.

لقد جسّد الكاتب في هذا العمل صورة المثقف المقاوم، الذي لا يكتفي بالمراقبة، بل ينخرط في المعركة، يقاتل بالكلمة، ويواجه بالتحليل، ويصطف إلى جانب المجاهدين، يدًا بيد وكتفًا بكتف، في جبهة إعلامية لا تقل أهمية عن ميادين القتال. فكانت كلماته رصاصات فكرية تخترق جدار التزييف، وتفضح العدوان، وتوقظ الضمير العربي والإسلامي.

إن الربط بين إصدار الكتاب والذكرى الثانية للطوفان هو ربط بين الوعي والفعل، بين التاريخ والذاكرة، بين المقاومة بالسلاح والمقاومة بالقلم. فالكتاب، كما هو توثيق، هو أيضًا موقف، وهو رسالة، وهو طوفان جديد يواجه الطوفان الصهيوني، ويؤكد أن الأمة لا تزال تنجب من يحملون همّها، ويدافعون عن قضاياها، ويكتبون بمداد من الدم والدموع.

فحين تكالبت القوى الشيطانية العالمية على طمس الحقيقة، أتى طوفان القلم المقاوم ليقول: نحن هنا، نقاوم، نكتب، نفضح، نوثق وندون حتى ننتصر.

الكاتبة من اليمن

قد يعجبك ايضا