فادي السمردلي يكتب: رقص المنظومات على جثث الحقائق بأنغام ( تلولحي يا دالية)

بقلم فادي زواد السمردلي  ….

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

 

👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉

تلولحي يا دالية، لازمة غنائية وُلدت للفرح والدبكة، لكنها اليوم تصلح كمرثية سوداء لواقع أنظمة المنظومات التي لا تجيد سوى التمايل فوق الخراب فالدالية في الموروث رمز للخصب والجذور الممتدة، لكنها في حاضرنا السياسي صارت رمزاً زائفاً لمنظومات تكتفي بالرقص فيما جذورها هشة، وأغصانها يابسة، وثمرها مفقود فكل ما تفعله هو إعادة إنتاج الوهم، وترديد لازمة الإنكار حتى التخمة.

المأساة أن هذه المنظومات لا تعترف بخطاياها، وكأن الاعتراف تهمة، وكأن النقد انتحار فحين ينهار الاقتصاد، تراها تقيم المهرجانات وتعلن انتصارات وهمية وحين تغرق مؤسساتها في الفساد، ترفع شعارات الإصلاح وهي تدور في حلقة فارغة وحين يطالبها الناس بمراجعة، تستجيب برقصة جماعية جديدة، كأن التمايل على المسرح بديل عن التصحيح، وكأن الهروب من مواجهة الذات إنجاز يستحق التصفيق.

إنها سياسة التلويح بدل التفكير، الرقص بدل الاعتراف، الضجيج بدل الفعل وقد تبدو الرقصة مسلية للحظة، لكنها لا تصمد أمام قسوة الواقع فالجائع لا يُطعم من طبلة، والمريض لا يشفى بزغاريد، والمقهور لا تتحرر روحه برقصة دالية عرجاء وهنا يتكشف العجز في أبشع صوره لأنظمة منظومات تختبئ خلف استعراضات صوتية وبصرية فيما الأرض تحتها تتشقق.

الأخطر أن هذا النمط من الإنكار لا يمرّ بلا ثمن فكل رقصة زائفة تُراكم مزيداً من الخراب وكل احتفال فارغ يُعمّق جرحاً جديداً وكل خطاب مليء بالشعارات يزيد المسافة بين الناس وحقيقة واقعهم فنحن أمام أنظمة لم تعد ترى في نفسها سوى راقصات محترفات، يهمهنّ الإيقاع لا المعنى، الحركة لا الجذور، الشكل لا المضمون.

ولأننا تعبنا من هذا المشهد، فإن الأغنية الشعبية التي كانت تبعث الفرح، صارت اليوم صفعة ساخرة “تلولحي يا دالية” لم تعد تغني للخصب والعنب، بل ترقص على جثة الحقيقة فكل لازمة تُردد ليست سوى صدى لرفض الاعتراف، لفشلٍ صارخ يُغطى بالغبار.

لكن التاريخ لا يرحم فالرقصة قد تخفي الحقيقة لبعض الوقت، لكنها لن تلغيها ومهما ارتفع صوت الدفوف، ستنكشف الجذور اليابسة وسيكتشف الناس أن هذه الدالية لم تعد تحمل عنباً، وأن هذه المنظومات لا تحمل سوى الوهم وعندها لن يشفع لها الرقص، ولن ينقذها التمايل لأن الجموع حين تنفجر، لن تبحث عن إيقاع، بل عن حساب.

تلولحي يا دالية… لكن الرقصة الأخيرة تقترب، ولن يبقى مسرح لتقام عليه.

قد يعجبك ايضا