دفع الصائل

د.الطيب النقر  ….

 

الدفاع الشرعي هو استعمال القوة لرد الباغي المعتدي، وكفه عن النفر والعِرض والمال والوطن، وهو صورة خاصة من صور الضرورة التي تدفع صاحبها لاقتراف ما هو محرم، فالقتل حرام شرعاً ولكنه واجب هنا، والشريعة تبيح الفعل في هذا الموضع وتحتمه، وللغير أن يعاونه ويعاضده في الدفاع عن نفسه وعِرضه وماله ضد الصائل الذي يريد أن يأخذ ما ليس له عنوة، وينبغي أن يرد عدوان هذا الصائل أو المعتدي بالقدر الذي يكفي لدفع الاعتداء، ولا يترتب على كبح جماح المعتدي، والذبّ عن النفس والعِرض عقوبة في الإسلام والقوانين الوضعيَّة، إلا إذا تجاوز المعتدى عليه حدود المشروع حينها فقط يكون عرضة للاستجواب والمحاكمة، والدفاع الشرعي اصطلح الفقهاء على تسميته بدفع الصائل، والصائل هو الظالم المعتدي الذي يسطو على أموال وأعراض الغير بقصد القهر والاستعلاء، كما اصطلح الفقهاء على تسمية المعتدى عليه مصولاً عليه. كما عرَّفه واضعو قانون العقوبات المصري بأنه: «استعمال القوة اللازمة لصد خطر حال غير مشروع يهدد بالإيذاء حقاً يحميه القانون، وتنص المادة مائتان وخمسة وأربعون من قانون العقوبات المصري على أنه: «لا عقوبة مطلقاً على من قتل غيره، أو أصابه بجراح، أو ضربه، أثناء استعمال حق الدفاع الشرعي عن نفسه، أو عن نفس غيره. والأصل في دفع الصائل قوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ البقرة:194. وما أخرجه أبوداود وصححه الترمذى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قُتل دون دينه فهو شهيد، ومن قُتل دون دمه فهو شهيد، ومن قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد»، وما أخرجه البخاري في الحديث الذي رواه أبوهريرة t قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: «لو أن أمرأً اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح»، «وكما أقرت الشريعة دفع الصائل لرد اعتدائه عن نفس الدافع أو عرضه أو ماله، كذلك أقرته لدفع الاعتداء عن نفس الغير أو عرضه أو ماله، لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي أخرجه البخاري أيضاً: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً». وقد اتفق جمهور الفقهاء على أن دفع الصائل واجب يفرضه الدين، وتقتضيه النخوة والشرف، فإذا تعرض رجل ألهبت الشهوة جسده المسعور لامرأة كما يحدث الآن، ولم تجد تلك المرأة مناصاً لرده إلا بالقتل فلها ذلك، لأن التمكين منها أمر لا ترتضيه جوانب الأرض، وخوافق السماء، «فإنه يجب عليها أن تدفع عن نفسها إن أمكنها ذلك، لأن التمكين منها محرم وفى ترك الدفع نوع تمكين منها للمتعدي» ومن قضاء عمر t فى هذا الصدد ما رواه أحمد بن حنبل رحمه الله: أن رجلاً أضاف ناساً من هذيل، فراود أحدهم امرأة على نفسها فرمته بحجر فقتلته، فقال عمر t «والله لا يودى أبداً»، فالخليفة العادل درء الحد عن المرأة لشبهة الدفاع الشرعي الذي كفله الشارع عز وجل، وكذلك شأن الرجل الذي يرى غيره يزنى بامرأة أو يحاول الزنا بها ولا يستطيع أن يدفعه عنها إلا بالقتل، فإنه يجب عليه أن يقتله إن أمكنه ذلك، وكذلك الصائل الذي يدخل داراً ليست بداره مشهراً سلاحه فعلى صاحب الدار أن يبدره بالقتل؛ وإذا توقع صاحب الدار من لص أنه سيعالجه، وكان توقعه مبنياً على أسباب معقولة، فليقتله ولا شيء عليه كما يرى عبد القادر عودة صاحب كتاب التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي.
د.الطيب النقر

قد يعجبك ايضا