“غزة بين النار والصمود: حرب السابع من أكتوبر أعادت للقضية نبضها وأوجاعها”

محي الدين غنيم  ……

 

منذ السابع من أكتوبر، اشتعلت الحرب على قطاع غزة لتعيد تشكيل المشهد الإقليمي والدولي من جديد، وتفتح مرحلة جديدة في مسار القضية الفلسطينية. حربٌ لم تكن كسابقاتها، إذ امتزج فيها الدم بالصمود، والدمار بالإصرار، لتغدو غزة عنواناً للوجع والبطولة في آنٍ واحد.

رغم قسوة العدوان وما خلّفه من دمار غير مسبوق، إلا أن هذه الحرب – بكل مآسيها – حملت في طياتها بعض الإيجابيات التي لا يمكن تجاهلها. فقد أعادت القضية الفلسطينية إلى واجهة الاهتمام العالمي بعد سنوات من التهميش، وأسقطت أقنعة كثيرة كانت تتستر خلف شعارات السلام الزائف. كما كشفت للعالم حقيقة الاحتلال الإسرائيلي، الذي يمارس أبشع الجرائم بحق المدنيين العزل دون رادع.

أظهرت الحرب أيضاً وحدة المشاعر الفلسطينية والعربية، ولو مؤقتاً، وأعادت التذكير بأن هذا الصراع ليس نزاعاً على حدود، بل معركة وجود وهوية، وأن إرادة الفلسطينيين ما زالت قادرة على الصمود مهما اشتدت النيران.

لكن في المقابل، حملت الحرب سلبيات مؤلمة لا يمكن إنكارها. فالثمن الإنساني كان باهظاً، إذ دُمّرت الأحياء، وانهارت المستشفيات، وشُرّد مئات الآلاف من الأبرياء. كما عمّقت الانقسامات السياسية بين الفصائل، وأضعفت الموقف الفلسطيني في المحافل الدولية، بينما استغل الاحتلال هذه المآسي لتبرير مزيد من العدوان والحصار.

ومع توقف المعارك، تقف القضية الفلسطينية اليوم على مفترق طرق خطير:
إما أن تتحول تضحيات غزة إلى نقطة انطلاق جديدة نحو وحدة وطنية شاملة تعيد بناء المشروع الفلسطيني على أسس المقاومة والدبلوماسية المتوازنة،
أو تضيع هذه الفرصة كما ضاعت غيرها، ليبقى الشعب الفلسطيني وحده في مواجهة آلة الحرب والخذلان الدولي.

لقد أثبتت حرب السابع من أكتوبر أن النار لا تُميت القضايا العادلة، بل قد تشعل جذوتها من جديد. وبين الركام والأنقاض، يبقى صوت غزة أعلى من الدمار:
أن الحق لا يُقهر، وأن القضية الفلسطينية وإن نزفت، لن تموت.

الكاتب من الأردن

 

قد يعجبك ايضا