أحزان لا تنتهي

محي الدين غنيم  ….

 

في زوايا الحياة الكثيرة، تختبئ الأحزان بين تفاصيل العلاقات البشرية، كظلٍّ لا يفارق الروح مهما حاولنا الابتعاد عنه. هي أحزان لا تصدر عن القدر وحده، بل عن البشر أنفسهم، حين تتلوث النوايا وتفسد القلوب، وحين يصبح الصفاء ضعفًا والصدق سذاجة.

كم من علاقة بدأت بالودّ وانتهت بالخذلان! وكم من قلبٍ فتح بابه بثقةٍ فدخل إليه الغدر متخفّيًا بثوب المحبة .. أصبحنا نعيش في زمنٍ تختلط فيه المشاعر بالمصالح، والكلمات بالرياء، حتى لم نعد نفرّق بين من يريد بنا خيرًا ومن يبتسم ليخفي خنجره.

الأحزان لا تنتهي، لأنها تتجدد مع كل خيبة، ومع كل خذلانٍ من قريبٍ أو صديقٍ ظننّاه سندًا. لكنها أيضًا درسٌ قاسٍ يُعيد ترتيب أولوياتنا، ويعلّمنا أن لا نُفرط بقلوبنا في سوقٍ باتت تُباع فيه المشاعر بثمنٍ بخس.

لقد صرنا نُجيد التمثيل أكثر من التواصل، ونخاف من الصدق لأنه صار يُجرّح، بينما الكذب يزيَّن بالعبارات الجميلة. فتموت الثقة شيئًا فشيئًا، ويكبر في داخلنا جرحٌ جديد لا يلتئم، ليضاف إلى قائمة أحزاننا التي لا تنتهي.

ومع ذلك، لا يزال في داخل الإنسان بصيص أملٍ لا ينطفئ، يدعوه للإيمان بأن الطيبة لا تموت، وأن النقاء وإن خفت صوته في زمن القسوة، فإنه سيبقى الدواء الوحيد لأحزان البشر التي لا تنتهي.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا