السودان يحترق .. وأيادٍ خبيثة تُشعل الفتنة بين أبناء الوطن الواحد

محي الدين غنيم  ….

 

ما يجري اليوم في السودان ليس صراعاً على السلطة فحسب، بل هو معركة خفية تُدار من وراء الستار، تُحرك خيوطها دول تبحث عن نفوذ ومصالح على حساب دماء الأبرياء. فمنذ اندلاع المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تحوّل الوطن إلى ساحة حربٍ بالوكالة، تتنازع فيها قوى إقليمية ودولية لإعادة رسم خريطة السودان بما يخدم أجنداتها المشبوهة.

لقد أصبح السودان اليوم نموذجاً صارخاً لتكرار سيناريوهات الخراب التي شهدناها في دول عربية أخرى، حيث تُغذّى الفتن بالمال والسلاح والإعلام الموجّه، ليُقتل الأخ بيد أخيه، ويُدمر الوطن باسم “التحرير” و”الإصلاح”. لكن الحقيقة المُرّة أن ما يحدث هو تفتيت ممنهج لمقدرات دولةٍ عريقة، أراد لها أبناؤها السلام، فأراد لها الآخرون الانقسام والدمار.

إن المتابع بدقة يدرك أن بعض الدول تتدخل عبر دعم هذا الفصيل أو ذاك، تارةً بذريعة الوساطة وتارةً تحت عنوان المساعدات الإنسانية، لكنها في الواقع تمارس أخبث أنواع التدخل، فتغذي الصراع لا لتُطفئه، وتزرع الفتنة لا لتجمع الشمل.
فهناك من يريد السيطرة على موارد السودان من الذهب والنفط والموقع الجغرافي الاستراتيجي، وهناك من يخشى أن ينهض السودان موحداً قوياً مستقلاً، فيسعى لإبقاءه غارقاً في الدم والفوضى.

إن ما يحتاجه السودان اليوم ليس بيانات الشجب ولا المؤتمرات الشكلية، بل وقفة عربية وإفريقية حقيقية تعيد الأمور إلى نصابها، وتقطع الطريق على العابثين بمستقبل بلدٍ كان يوماً سلة غذاء العالم، فأصبح بفعل الأيادي الخبيثة مسرحاً للجوع والدمار.

ويبقى الأمل في أبناء السودان الأحرار، الذين يدركون أن لا خلاص لوطنهم إلا بالوحدة ونبذ الفتنة، ورفض الوصاية الخارجية مهما تلونت شعاراتها. فالسودان لا يحتاج إلى من “يحرره”، بل يحتاج إلى من يُعيد له كرامته وسيادته المفقودة.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا