فادي السمردلي يكتب:الشجرة اليابسة والمحروقة لن تزهر والانتهازي لا يصلح لحماية الفكرة
بقلم فادي زواد السمردلي ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉
الشجرة اليابسة والمحروقة لن تزهر، لأن الحياة لا تنبت في أرضٍ فقدت خصوبتها، ولا في جذورٍ التهمها اللهيب حتى الرماد فهذه ليست مجرد استعارة عن الطبيعة، بل هي تشبيه صارخ لما يحدث حين تنكشف الوجوه الحقيقية لأولئك الذين طالما تقنعوا بأقنعة المبادئ والنقاء ففي البداية نراهم كأنهم حَمَلة الفكر وروّاد الإصلاح، يتحدثون بلغة المثاليات، يرفعون الشعارات الرنانة، ويتقنون فن الظهور بمظهر الطهر والصدق. وما إن تهبّ أول عاصفة من المواقف، حتى تسقط أوراقهم الزائفة واحدة تلو الأخرى، وتنكشف جذورهم اليابسة المحترقة التي لم تعرف في يوم من الأيام طعم الإخلاص أو معنى الثبات على المبدأ.
إن هؤلاء الذين يتقنون ارتداء الأقنعة لا يسعون إلى خدمة فكرة، بل إلى خدمة أنفسهم فهم كالنار الخفية تحت الرماد، تراهم هادئين حين تكون المصلحة بعيدة، لكن ما إن تلوح لهم فرصة لاقتناص منفعة أو موقع أو مكسب، حتى تشتعل فيهم رغبة الانقضاض، غير آبهين بمنظومة أو جماعة أو مبدأ فالانتهازية هي دينهم الوحيد، والغاية عندهم تبرر الوسيلة مهما كانت قذرة أو مخزية فيستخدمون الشعارات كسلالم، يتسلقون بها إلى ما يريدون، ثم يركلونها بأقدامهم بعد الوصول فيتحدثون عن الفكر، وهم في حقيقتهم بعيدون عن أبسط معانيه، لأن الفكر الحقيقي يحتاج إلى روحٍ صادقة، وعقلٍ حر، ونيةٍ نقية، وهؤلاء لا يعرفون سوى لغة المصلحة والمنفعة.
الشجرة اليابسة لا تُسقى لأن أحدًا يدرك أنها لن تُثمر، وكذلك هؤلاء لا يُرجى منهم خير، لأنهم فقدوا القدرة على الإثمار منذ قرروا أن يعيشوا في الظلال لا في النور. إنهم لا يستطيعون البناء، لأن البناء يحتاج إلى صدق، والصدق يحتاج إلى تضحية، والتضحية تحتاج إلى إيمان بالفكرة قبل الذات، وكل ذلك غائب عنهم بل إن وجودهم داخل أي منظومة فكرية أو جماعية هو بذرة دمارها، لأنهم ينقلون إليها عدوى الزيف والتلون، فيحولون الفكرة النقية إلى مستنقع من المصالح المتشابكة فلا يكتفون بعدم الإضافة، بل يسعون عمدًا إلى تشويه المعنى، إلى تحريف الاتجاه، حتى تصبح المنظومة التي احتضنتهم نسخة مشوهة من ذاتها.
قبول هؤلاء في أي مجموعة أو فكرة هو خطأ قاتل، لأنهم لا يعرفون الولاء إلا لمصالحهم، ولا يجيدون سوى لغة الخداع والتبرير فهم كالسوس الذي ينخر في الخشب، لا يُرى في البداية، لكن أثره مدمّر حين يظهر فيعشقون دور الضحية حين يُكشف أمرهم، يتحدثون عن المؤامرات والغيرة، ليغسلوا وجوههم الملطخة بالزيف، لكن الحقيقة تبقى أقوى من تبريراتهم مهما طال الزمن فلا يمكن للإنسان أن يدّعي النقاء وهو يتغذى على الكذب، ولا يمكن لمن باع مواقفه أن يُقنع أحدًا بأنه مناضل أو صاحب فكر.
ولذلك، فإن الحكمة تقتضي أن تُقطع هذه الأشجار اليابسة من جذورها قبل أن تنقل عدواها إلى غيرها فالمنظومات الحية تحتاج إلى دماء صادقة، إلى من يعمل من أجل الفكرة لا من أجل المنفعة، إلى من يرى في المبادئ طريقًا لا وسيلة أما هؤلاء المتلونون، فمكانهم خارج أسوار الفكر النقي، لأنهم لا يعرفون سوى الخداع والتقلب والانتهازية فكما أن الشجرة اليابسة والمحروقة لن تزهر مهما حاولنا، كذلك النفوس المحروقة بالزيف لن تنبت صدقًا مهما تجملت بالكلمات. إنهم رماد الفكرة، وريح الخراب التي إن دخلت مكانًا، أطفأت فيه آخر بصيص للأمل والحق.
الكاتب من الأردن