الراحل الملك الحسين… ذكرى لا تغيب وراية لا تنكسر
محي الدين غنيم …..
في الرابع عشر من نوفمبر، تتجدد في قلوب الأردنيين والعرب ذكرى خالدة لا تُمحى، ذكرى ميلاد الملك الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه، ذلك القائد الذي لم يكن مجرد ملك حكم، بل كان رمزًا للوطنية الصادقة، ورجلاً حمل الأردن على كتفيه وسط العواصف الإقليمية والسياسية، فبقي شامخًا كجبال عمان، نقيًّا كنبع الكرك، صلبًا كصخور معان.
ولد الحسين عام 1935 ليُقدّر له أن يكون قائدًا في زمنٍ كانت فيه الأمة تبحث عن الثبات والكرامة. ومنذ أن اعتلى العرش عام 1952، رسم للأردن طريقًا من المجد والتحدي، فكان القائد الشاب الذي جمع بين الحزم والرحمة، بين الشجاعة والحكمة، بين الحلم العربي والواقع السياسي المعقد.
لم يعرف الحسين الراحة يومًا، فقد عاش حياته مدافعًا عن قضايا أمته، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مؤمنًا بأن كرامة الأمة لا تتجزأ، وأن العروبة ليست شعارًا بل مبدأ يُترجم في الميدان. وفي الوقت نفسه، بنى وطنه بإخلاص، فكان الإنسان قبل الدولة، والكرامة قبل السياسة.
عرفه شعبه أبًا قبل أن يعرفه ملكًا، وكم من مرة بكى معه الأردنيون وبكوا عليه. كان يشاركهم الفرح والحزن، يدخل بيوتهم دون تكلف، ويجالس جنوده في الميدان، ويواسي الأرامل والأيتام بصمت المحب لا بروتوكول الحاكم.
واليوم، وبعد مرور عقود على ميلاده، ما زال الحسين حاضرًا في الوجدان، وفي كل نبضة قلب أردني يرى فيه رمز العطاء والوفاء. فقد ترك إرثًا خالدًا تسلم رايته جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي يسير على نهجه بثبات، حاملًا الرسالة ومجددًا العهد، ليبقى الأردن قويًا كما أراده الراحل العظيم.
رحم الله الحسين، ملكًا كان بحجم وطن، وإنسانًا كان بحجم أمّة. سيبقى اسمه منقوشًا في ذاكرة الأردنيين، لا كذكرى عابرة في التاريخ، بل كقصة حب بين قائد وشعب، لم ولن تنتهي.
الكاتب من الأردن