مشروع قانون إعدام الأسرى بالقراءة الأولى: إرضاء لليمين الإسرائيلي على حساب الدم الفلسطيني
بقلم د. تيسير فتوح حجه ….
الأمين العام لحركة عداله
لا يمكن قراءة مصادقة الكنيست بالقراءة الأولى على مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين إلا باعتبارها الخطوة الأخطر في سياق سباق سياسي داخل إسرائيل لإرضاء اليمين المتطرف، وتعويضه بسياسات دموية تعمّق الكراهية وتزيد منسوب العنف. فالقرار لا علاقة له بما يسمّى “الأمن”، بل هو توظيف رخيص للدم الفلسطيني في معركة انتخابية دائمة، يدفع ثمنها شعبٌ يعيش تحت الاحتلال منذ
عقود.
إن مشروع الإعدام هذا يكشف تحوّل العقل السياسي الإسرائيلي إلى عقيدة انتقام لا قانون فيها ولا قيم، وهو ينسف كل الأعراف الدولية المتعلقة بأسرى الحروب، ويتجاوز حتى القوانين التي تعتمدها الأنظمة الأكثر تشدداً. إنه إعلان رسمي بأن حياة الفلسطيني ليست ذات قيمة في ميزان التطرف الصهيوني، وأن الحكومة الإسرائيلية الحالية مستعدة للذهاب إلى أبعد نقطة في الدم من أجل تسجيل نقاط داخلية أمام جمهورها.
الأسرى الفلسطينيون ليسوا مجرمين عاديين، بل هم أسرى حرية، مقاومون لاحتلال يعترف العالم كله بأنه أصل الصراع وسبب كل ما تلاه من جراح. ومن هنا، فإن محاولة إعدامهم هي محاولة لإعدام روايتنا الوطنية، وتجريم حق شعبٍ في الدفاع عن أرضه وكرامته ووجوده.
إن حركة عداله تؤكد أن هذا القانون ـ إن مرّ ـ لن يكون مجرد تشريع، بل جريمة مكتملة الأركان، وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، ودليلاً جديداً على أن التطرف الصهيوني لم يعد حالة عابرة، بل أصبح بنية حاكمة. وتعتبر الحركة أن الردّ الفلسطيني والدولي يجب أن يكون على مستوى الخطر، من خلال حراك سياسي وقانوني وإعلامي يفضح هذا النزوع الدموي ويمنع تكريسه.
كما تدعو عداله كل مؤسسات حقوق الإنسان، والأطراف الدولية الفاعلة، إلى تحمّل مسؤولياتها قبل فوات الأوان. فالسماح بتشريع الإعدام للأسرى هو فتح باب لجرائم لا يمكن التنبؤ بتداعياتها، وإدخال المنطقة في مرحلة جديدة من عدم الاستقرار. ونحن نؤمن أن حماية الأسرى هي حماية للعدالة نفسها، وللقيم الإنسانية التي يدّعي العالم المتحضر الدفاع عنها.
إن دم الأسرى أمانة، وتهديد حياتهم خط أحمر لن يُسمح بتجاوزه. وستبقى حركة عداله — بما تمثل من موقف وطني وإنساني — صوتاً رافضاً لهذا القانون الفاشي، وصمام أمان للدفاع عن أسرانا، وعن كل حق ينتمي لفلسطين أرضاً وشعباً وهوية.
الكاتب من فلسطين