فادي السمردلي يكتب: لا تكن أداة للتضليل المعلومة مسؤولية وطنية
*بقلم فادي زواد السمردلي* ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉
في ظل الانفجار الرقمي وسرعة انتشار المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يتعاظم خطر الإشاعات والمعلومات المغلوطة التي يتم تداولها بلا تحقق، فيتحول الفضاء العام إلى ساحة فوضى فكرية وإعلامية تُهدد وعي المجتمع واستقراره إن إعادة نشر معلومة مجهولة أو خبرٍ دون مصدر موثوق لم تعد فعلًا عابرًا أو خطأ غير مقصود، بل أصبحت مشاركة فعلية في زعزعة الثقة وضرب مصداقية الدولة، وهو ما يستدعي التوقف الجاد والحازم.
إن الأردن، الذي واجه ويتصدى لتحديات خارجية وإقليمية معقدة، يواجه اليوم معركة داخلية لا تقل خطورة، عنوانها الإشاعة، والتشكيك، والتضليل الإعلامي فهذه الأدوات الخفية تُستعمل لضرب منجزات الدولة، وإحباط المواطن، وتقويض الثقة بينه وبين مؤسساته. الأخطر من ذلك أن هذه المعركة لا تُخاض بالسلاح، بل تُدار عبر العقول، حيث تصبح الكلمة أداة طعن، والمعلومة المغلوطة سلاحًا موجهًا إلى خاصرة الوطن.
الدستور الأردني لم يغفل عن هذا التحدي، إذ نص في مواده على قدسية الوطن وضرورة احترام مؤسساته، وأكد أن “الدفاع عن الوطن وأرضه ووحدته واجب مقدس على كل أردني”، في حين ألزم المشرّع في القوانين الإعلامية والجزائية، ولا سيما قانون الجرائم الإلكترونية، بضرورة التثبت من صحة المعلومة ومصدرها قبل النشر، مؤكدًا أن حرية التعبير لا تعني حرية الكذب أو التضليل بل إن القانون لا يعفي من المسؤولية من ينشر محتوى كاذبًا حتى وإن ادعى حسن النية، ما دام الضرر قد وقع أو كان محتملًا.
ولعل ما يدعو للقلق هو الانجرار الجماعي وراء العناوين المفبركة والمقاطع المقتطعة والمصادر غير الموثوقة التي تتداولها بعض الصفحات مجهولة الهوية، والتي لا هدف لها سوى تسميم وعي المجتمع وتشويه صورة الأردن داخليا وخارجيًا وهنا لا بد من التأكيد أن السكوت عن الإشاعة خيرٌ من تداولها، وأن التريث قبل النشر هو أول سطر في الدفاع عن الوطن لإن إعادة تدوير الأكاذيب، مهما بدا بريئًا أو غير مقصود، يفتح الباب لتشويه المنجز، وإضعاف المؤسسات وهو ما يُمثل طعنًا في الظهر لا يقل خيانةً عن الفعل العدائي المباشر.
المطلوب اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، هو وعي وطني جماعي يرفض المعلومة حتى يثبت صدقها، ويصون الكلمة من أن تتحول إلى خنجر في خاصرة الوطن فحماية الأردن ليست فقط مهمة الجيش والأجهزة الأمنية، بل أيضًا مسؤولية كل مواطن، وكل صحفي، وكل مستخدم لهاتف ذكي فالوطن ليس ميدانًا للثرثرة أو الاجتهادات الإعلامية الرخيصة، بل كيان مقدس يجب أن نصونه بالصدق، والمسؤولية، والالتزام الدستوري والأخلاقي.
دوما ما يؤكد جلالة الملك عبد الله الثاني بان “الحديث في الشأن العام لا يجب أن يكون طريقًا للشتم والتجريح، بل وسيلة لحوار يحترم الحقيقة.” فلنكن على قدر هذه المسؤولية، ولنجعل من وعي الكلمة حصنًا منيعًا في وجه الفتنة، ولنتذكّر دومًا أن من ينشر دون تحقق، قد يخون دون أن يشعر.
الكاتب من الأردن