“العربدة الإسرائيلية… محطة فوضى جديدة في الشرق الأوسط ودماء القادة الشهداء شاهدة على غياب الرادع”

محي الدين غنيم  …..

 

في مشهد يعكس أقصى درجات الانفلات وغياب المحاسبة الدولية، تواصل إسرائيل العربدة في المنطقة دون حسيب أو رادع، مستندة إلى صمت عالمي مخزٍ وتواطؤ دولي يسمح لها بتجاوز كل الأعراف والقوانين. فمن اليمن إلى غزة، ومن سوريا إلى لبنان، أصبح الشرق الأوسط ساحة مفتوحة أمام الاعتداءات الإسرائيلية التي تتمدد بلا حدود، وسط غياب إرادة دولية حقيقية لوقف هذا التصعيد.

في اليمن، استهدفت إسرائيل مواقع تقول إنها “عسكرية”، بينما هي في الحقيقة جزء من مشهد توسع خطر ينذر بتدويل الصراع وتوسيع ساحات النار. وفي غزة، تستمر آلة الحرب الإسرائيلية بحصد الأرواح وتدمير المدن والبنى التحتية، وكأن القطاع بات ملعبًا مفتوحًا لتصفية الحسابات وقياس القوة، لا يحكمه قانون ولا يردعه قرار دولي.

أما في سوريا، فقد تحولت الضربات الجوية الإسرائيلية إلى واقع شبه أسبوعي، تستهدف مواقع داخل دولة ذات سيادة، في انتهاك واضح لحقوق الشعوب ولميثاق الأمم المتحدة. لا لجنة تحقيق، ولا إدانة ملزمة، ولا موقف دولي قادر على إيقاف هذا التمادي.

وفي لبنان، بلغت العربدة ذروتها بعملية الاغتيال الجبانة التي نفذتها إسرائيل بحق القائد الكبير هيثم علي الطبطبائي في الضاحية الجنوبية لبيروت، في خرق صارخ للسيادة اللبنانية ورسالة جديدة بأن إسرائيل تستبيح الأرض والسماء والإنسان بلا خوف من عقوبة أو ردع دولي. هذا الاغتيال لم يكن مجرد استهداف فرد، بل محاولة لخلط الأوراق وإشعال لبنان، وإرسال رسالة مفادها أن يد إسرائيل الطولى تطال من تشاء، أينما تشاء، وفي أي لحظة.

إن أخطر ما في هذه الاعتداءات ليس صواريخها ولا طائراتها، بل تواطؤ الصمت الدولي الذي يمنح إسرائيل رخصة مفتوحة لتوسيع دائرة النار وإشعال المنطقة. فطالما لا توجد منظومة ردع حقيقية، ولا قرارات مُلزمة تنفَّذ، ولا إرادة عالمية جادة لكبح جماح العدوان، ستظل إسرائيل تتصرف بمنطق القوة، وستظل دماء القادة الشهداء تُراق على مذابح العجز الدولي.

اليوم، وفي ظل اتساع رقعة الاعتداءات، بات المطلوب موقف عربي وإقليمي موحّد يضع حدًا لهذا التمادي، ويعيد صياغة معادلة الردع، ويؤكد أن المنطقة ليست ساحة مباحة لعدوان لا يتوقف. فاستمرار الصمت يعني استمرار نزيف الدم، واتساع رقعة الفوضى، وفتح الباب أمام مرحلة أخطر من التصعيد.

إن اغتيال القائد هيثم علي الطبطبائي ليس حدثًا عابرًا، بل ناقوس خطر جديد، ورسالة يجب أن تُقرأ جيدًا:
إسرائيل تتحرك بلا رادع… والمنطقة كلها أمام اختبار تاريخي بين مقاومة العدوان أو الاستسلام للفوضى.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا