فادي السمردلي يكتب: وصفي التل الحافة الحادة في السردية الأردنية

بقلم فادي زواد السمردلي. …..

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

الشهيد وصفي التل ليس مجرد اسم يُذكر في التاريخ الأردني، بل هو الحافة الحادة التي تحدد مسار السردية الأردنية وتفرّق بين ما هو وطني حقيقي وما هو خطاب ضعيف وخادع فحضوره في الوعي الأردني ليس شعورًا عابرًا، ولا تذكارًا روتينيًا، بل صرخة مستمرة تحطم كل محاولة لتليين المواقف أو تزييف الحقائق فالأردن لم يُبنَ على المهادنة الرخوة، ولا على التنازلات التي تمنح وهم الطمأنينة، بل على دماء رجال مثل وصفي التل، رجال عرفوا أن التردد لحظة ضعف قد ينهك الدولة ويُفقدها روحها ويجعلها هدفًا سهلاً لكل من يتربص بها وصفي لم يكن سياسيًا عاديًا يمكن ترويضه بالكلمات، ولا رجل دولة يختبئ خلف بروتوكولات دبلوماسية فكان يرى الواقع بحدة المصباح الذي يكشف كل زاوية مظلمة، ويهاجم أي تهديد للوطن بلا مواربة أو خوف.

في السردية الأردنية، وصفي التل هو المعيار، الصخرة التي ترتطم بها كل محاولة لتفريغ الوطنية من محتواها فلم يكن الرجل يساير أحدًا، ولم يكن يبحث عن رضا النخب، بل كان يبحث عن الدولة، عن جوهرها وعن كرامتها فكل موقف اتخذه، وكل كلمة نطق بها، كانت إعلانًا صارمًا أن الأردن لا يُدار باللين، وأن السيادة الوطنية ليست خيارًا يمكن المساومة عليه أو تحويله إلى لعبة سياسية ومن هنا أصبح وصفي رمزًا ليس للشهادة والموت فقط، بل للحياة الصادقة للدولة، للحقيقة المطلقة في مواجهة التردد والخوف والارتجاف أمام المسؤولية الوطنية.

وصفي التل لم يُكتب له أن يعيش طويلًا، لكن وجوده وموته معًا جعلا من شخصيته معيارًا حادًا في السردية الأردنية فهو الرجل الذي يفضح كل محاولة لإخفاء الحقائق تحت طبقات اللغة المخدّرة أو الشعارات الباهتة، ويكشف كل ضعف أو تواكل يهدد أمن الدولة واستقرارها فحضوره كان يفرض الصراحة والصرامة، ويترك كل من يحاول العبث بمصير الوطن أمام اختبار قاسٍ فإما أن يكون صادقًا مع الدولة، أو أن ينحني للضعف والهشاشة. وهكذا أصبح اسمه، رغم مرور عقود على اغتياله، علامة على الموقف القوي الذي لا يساوم، على القرار الذي لا يتراجع، وعلى الوطنية التي لا تعرف الالتواء.

الشهيد وصفي التل هو الحافة التي يلمسها كل أردني يعرف أن الوطن لا يُحفظ بالشعارات، ولا يُدار بالمجاملة فهو المعايير التي تُعيد الوطن إلى ذاته حين يحاول ضعفاء النفوس تسييده، ويكشف بلا رحمة كل من يحاول تفريغ الهوية الوطنية من جوهرها فالرجل كان صارمًا بلا مجاملة، مباشرًا بلا حيلة، وحاضنًا لكل ما هو وطني صارم فلم يكن يخشى مواجهة الأعداء الداخليين أو الخارجيين، ولم يختبئ خلف المناورات السياسية التي تمنح وهم القوة لكنها تسلب الدولة صلابتها وبسبب هذه الصرامة، صار وصفي معيارًا حيًا لكل من يحاول ممارسة السياسة في الأردن أو تكون على شاكلته، أو لن تكون.

وفي النهاية، السردية الأردنية بدون فكر ورؤى وصفي التل تصبح هشة، بلا حافة، بلا معيار يقيس بها قوة الدولة وصلابة القرار فالحاضرون اليوم مطالبون أن يفهموا أن حضوره ليس شعورًا عاطفيًا، بل موقف مستمر، صفعة لكل من يتسامح مع الضعف أو يتنازل عن الثوابت فذكره اليوم هو تذكير بأن الأردن لا يُحفظ إلا بالحدّة والصرامة والوضوح، وأن الرجال مثل وصفي التل لا يرحلون، بل يتركون إرثًا صارمًا، معيارًا لا يمكن تجاوزه، وحافة حادة في قلب السردية الأردنية، على هذا الأساس تُقاس الحقيقة والكرامة والسيادة.

إن وصفي التل ليس شخصية تاريخية فقط، بل درس حي لكل جيل أردني فالوطن لا يُستعاد إلا بالموقف، وأن الدولة لا تبقى إلا برجال يعرفون أن الصدق مع المبادئ أقوى من أي استرضاء أو تراجع فكل محاولة لتخفيف حدّ السردية الوطنية تصطدم بصورته، وتُعيد الأمور إلى نصابها، مؤكدة أن الأردنيين الذين يعرفون قيمتهم لن يقبلوا أبدًا بالرمادي، وأن الحدّة التي جسدها وصفي التل هي الطريق الوحيد للبقاء والسيادة والكرامة.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا