“المقاومة ليست ورقة بيد أحد… وفلسطين تقاتل من أجل حقها لا من أجل أحد!”

محي الدين غنيم   …..

 

منذ اللحظة الأولى لانطلاق شرارة المقاومة الفلسطينية على أرض فلسطين التاريخية، كان الهدف واضحاً وثابتاً: تحرير الأرض والدفاع عن الشعب. لم تنطلق المقاومة خدمةً لأي دولة، ولم تكن يوماً أداةً بيد أي محور كما يدّعي أصحاب الأجندات المأجورة التي تُغرد خارج السرب وتحاول تشويه جوهر القضية الفلسطينية. فالمقاومة نشأت من رحم المعاناة، من بين ركام البيوت، من صرخات الأطفال، ومن دماء الشهداء، وليس من مكاتب السياسة ولا من حسابات الأنظمة.

المقاومة كانت وما تزال قراراً فلسطينياً خالصاً، منبثقاً من الحق الإنساني والقانوني في الدفاع عن النفس ضد احتلال استعماري جاثم منذ أكثر من سبعين عاماً. ولكن في عالم عربي وإسلامي غارق في الحسابات الضيقة، لم تجد هذه المقاومة إلا القليل ممن يقفون إلى جانبها، بينما اختار معظم العرب أن يلوذوا بالصمت أو البيانات الباهتة أو العلاقات الدافئة مع المحتل.

هنا برز الدور الإيراني منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، حين أعلنت طهران موقفاً مغايراً لما اعتادته المنطقة: دعم الشعب الفلسطيني بلا قيد ولا شرط سياسي.
إيران، ورغم خلافات البعض معها، وقفت موقفاً ثابتاً:

دعمت تدريباً وتسليحاً.

دعمت مالاً وإسناداً لوجستياً.

دعمت الشعب الفلسطيني في أصعب المراحل، عندما كان العرب يغلقون الحدود ويغلقون الأبواب ويغلقون حتى أفواههم.

لم يكن هذا الدعم يوماً “شراءً للمواقف” كما يحاول البعض تصويره، ولا محاولة لفرض قرار على المقاومة، لأن قرار المقاومة ظل فلسطينياً مهما تعددت مصادر الدعم. لكن الحقيقة التي يحاول البعض طمسها هي أن المقاومة صمدت واشتدت قوتها بفضل دعم من آمن بعدالة قضيتها، لا من تاجر بها.

أما الأصوات التي تتهم المقاومة بأنها تعمل لأجل إيران فهي أصوات مأزومة، تعاني من عجز الموقف، وتريد أن تبرر تقاعسها بالهجوم على من يقف مع الحق. هؤلاء يحاولون سرقة قيمة المقاومة عبر نسبها إلى طرف خارجي بدل الاعتراف بأنها مقاومة شعب محتل يقاتل من أجل أرضه وكرامته.

اليوم، وبينما تستمر إسرائيل في عدوانها الوحشي، يقف الشعب الفلسطيني وحيداً في الميدان، يستند إلى سواعد مقاوميه أولاً، وإلى من يمدّهم بالقوة والإمكانات ثانياً، بغض النظر عن هوية الدولة الداعمة. فالقضية ليست قضية محاور، بل قضية شعب يقاتل من أجل أن يعيش حراً.

إن الدعم الإيراني أياً كان حجم الجدل حوله لا يلغي حقيقة واضحة:
منذ 1979 وحتى اليوم، لم تخن طهران شعار “القدس هي البوصلة”، بينما خانته كثير من العواصم العربية والإسلامية.

وفي النهاية تبقى الحقيقة الثابتة : المقاومة الفلسطينية لا تقاتل نيابة عن أحد… بل تقاتل نيابة عن كل ضمير عربي حي، وعن كل أمة ما زالت تؤمن بأن فلسطين ليست صفقة وأن الحرية ليست منّة.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا