فادي السمردلي يكتب: الحرية إن لم تكن مرجعيتها الهوية الوطنية الأردنية… انحراف
*بقلم فادي زواد السمردلي* …..
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
👈 *المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*👉
في خضم هذا العالم المزدحم بالشعارات والضجيج، يتسلل إلى وعينا خطاب خطير يرفع شعار “الحرية” كأنها القيمة المطلقة التي يُمكن أن تسحق تحت قدميها كل ما سواها، بما في ذلك الوطن ذاته. هنا، يجب أن نقف عند جملة مفصلية احترام الحريات إن لم تكن مرجعيته الهوية الوطنية الأردنية، فهو خروج صارخ عن المسار الصحيح، بل انحراف يستوجب المواجهة، لا المجاملة لأن الحرية حين تُنتزع من سياقها الوطني، وتُفصل عن منظومة القيم الأردنية، تصبح مجرد فوضى مغطاة بورق لامع، وواجهة زائفة لخراب داخلي ممنهج.
الحرية التي لا تنطلق من صلب الهوية الأردنية لا علاقة لها بالكرامة ولا بالتحرر، بل هي استنساخ مشوّه لنماذج غريبة لا تناسب هذا البلد، ولا تُعبّر عن تاريخه ولا نسيجه الاجتماعي فالأردن ليس مختبرًا للأفكار المستوردة ولا ساحة لتجريب الفوضى تحت لافتة “حقوق الإنسان” أو “حرية الرأي”. نعم، نريد حرية التعبير، وحرية الصحافة، وحرية الفكر، لكننا نريدها حرية نابعة من جذورنا، من إرثنا، من ولائنا، من فهمنا العميق لما تعنيه الدولة، وما تمثله القيادة، وما يختزنه هذا التراب من تضحية وكبرياء.
حين تُمارس الحرية بدون مرجعية وطنية، تصبح سيفًا موجهًا نحو الوطن لا دفاعًا عنه فنحن نسمع ونقرأ بين الحين والآخر أصواتًا تدّعي التقدم، وهي في حقيقتها تجرد الحريات من أي بعد وطني أو التزام أخلاقي فهؤلاء لا يريدون حرية، بل يريدون منصة لبث الحقد، لنشر الانقسام، لتقويض الثقة في الدولة ومؤسساتها، تحت شعارات تبدو براقة لكنها موجهة بدقة لهدم الداخل من الداخل.
الهوية الوطنية الأردنية ليست عائقًا أمام الحرية، بل هي ضامنها الحقيقي ومن دونها تصبح الحرية عبئًا، فوضى لا حدود لها، تسمح بأي خطاب منحرف، وتُشرعن أي تطاول على رموز الدولة، وتبرر أي تشكيك في السيادة والقيادة فالحرية التي لا تحمي الوطن، لا تُحترم والحرية التي تُستخدم لسبّ الوطن أو تحريض فئاته على بعضهم البعض، ليست حرية، بل خيانة مقنّعة.
الهوية الأردنية لم تُبْنَ من فراغ فهي خلاصة نضالات الأردنيين، وذاكرة شعب، وثقافة مجتمع، وعقيدة انتماء للاردن وهويته الوطنية الأردنية وهي ليست سلعة يمكن تفكيكها أو التلاعب بها بحجج الحداثة فمن أراد أن يمارس حريته، فليمارسها في سياق الالتزام، لا الانفلات فليتحدث، وليكتب، وليعارض إن شاء، ولكن من داخل البيت، لا من فوق أنقاضه فلا يمكن أن نمنح الحرية لمن لا يعترف بالوطن أصلًا، أو لا يرى في رموزه إلا هدفًا للطعن.
نحن بحاجة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى أن نُعيد تعريف “الحرية” ضمن الإطار الأردني الصلب، حيث الحريات محفوظة، ولكنها مربوطة بالمسؤولية والانتماء. لسنا ضد التعبير، ولكننا ضد الهدم ولسنا ضد النقد، ولكننا ضد التشويه ولسنا ضد الاختلاف، ولكننا ضد الإسفاف كل حرية لا تسير تحت سقف الوطن، هي خروج على الصف، ومشروع فتنة مهما تزيّنت بالألفاظ.
ختامًا، لا حرية بلا هوية، ولا صوت أعلى من صوت الوطن ومن أراد أن يُنادي بالحرية في الأردن، فليكن أول المدافعين عن هويته، عن قيادته، عن جيشه، عن تاريخه، عن ترابه. أما من يتخذ من الحرية مطيّة للإساءة، فليعلم أن الاردنيون سيقفون لهم بالمرصاد، لأن الحرية لا تكون على حساب الوطن، بل في خدمته.
الكاتب من الأردن