فادي السمردلي يكتب: 2026 تحت المجهر هل يشهد الأردن تحولا في سياسات الطاقة ؟

بقلم فادي زواد السمردلي  …..

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

 

يعيش قطاع الطاقة في الأردن مرحلة متحركة تتخللها قرارات جديدة وإشارات تدل على احتمال حدوث تغييرات أوسع خلال العام 2026 ففي بلد يعتمد بصورة كبيرة على استيراد الطاقة، وتثقل فواتير الكهرباء كاهل المواطنين، تصبح أي خطوة تتعلق بهذا القطاع حساسة وذات صدى واسع ومن بين التطورات الأخيرة كان قرار هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن إعفاء المشتركين المنزليين من رسوم إعادة وصل التيار الكهربائي لمرة واحدة سنويًا وعلى الرغم من أن هذا القرار يبدو بسيطًا في مضمونه، إلا أنه فتح الباب أمام تساؤلات حول ما إذا كان يمثل مجرد إجراء تخفيفي محدود، أم مقدمة لسلسلة من التغييرات في السياسة الطاقية المقبلة.

يأتي هذا القرار في وقت تعيش فيه الأسر الأردنية ضغوطًا اقتصادية كبيرة، إذ باتت فواتير الكهرباء أحد أبرز الهواجس الشهرية التي يواجهها المواطن، سواء لأسباب تتعلق بارتفاع التعرفة أو تراكم الفواتير خلال الأشهر الصعبة ورغم أن الإعفاء لا يمس جوهر الأسعار ولا يخفض القيمة النهائية للفواتير، إلا أنه يحمل بُعدًا إنسانيًا مهمًا، ويعكس على الأقل اعترافًا رسميًا بأن المواطنين بحاجة إلى مساحة تنفس.

غير أن النظر إلى هذا القرار بمعزل عن الصورة الأكبر قد يساعد على فهمه بطريقة ناقصة فقطاع الطاقة في الأردن ليس قطاعًا جامدًا، بل هو حقل يمتلئ بالملفات المعقدة، مثل تسعيرة الكهرباء، والطاقة المتجددة، والاتفاقيات طويلة الأمد، وتحديات امن الطاقة ومن هنا يبرز سؤال رئيسي هل يمكن أن يشهد عام 2026 إعادة تشكيل فعلية لهذا القطاع؟

من المهم الإشارة إلى أن ملف تسعيرة الكهرباء لا يزال الأكثر إثارة للجدل فالكثير من المواطنين يشعرون بأن التعرفة الحالية لا تعكس مستويات الدخل، ولا تتناسب مع القدرة الشرائية المتراجعة وفي كل مرة تُطرح فيها فكرة إعادة الهيكلة، يتجدد الجدل حول العدالة الاجتماعية، وحول من يتحمّل الكلفة الأكبر المستهلك العادي أم القطاع الصناعي أم المؤسسات الكبرى؟ ومع أن الحكومة لم تُلمّح رسميًا إلى تعديل قريب، إلا أن الضغوط الاقتصادية المتزايدة قد تدفع إلى مراجعة مختلفة في العام القادم.

أما ملف الطاقة المتجددة، فهو واحد من المجالات التي شهد فيها الأردن قصة نجاح بارزة قبل سنوات، قبل أن تتباطأ وتيرته بفعل القيود المفروضة لاحقًا على أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية والمؤسساتية ومع توجه العالم نحو الطاقة النظيفة، وارتفاع كلفة الاعتماد على الوقود المستورد، تصبح إعادة النظر في تلك القيود خيارًا منطقيًا وضروريًا فكثير من الأردنيين يأملون أن يعيد عام 2026 فتح الباب أمام توسع الطاقة الشمسية، سواء عبر تسهيلات جديدة أو عبر تشجيع مشاريع الإنتاج المحلي.

خلف هذا كله، توجد الاتفاقيات طويلة الأمد التي وقّعتها الحكومات السابقة في مجالات الطاقة وهذه الاتفاقيات، التي يجري الحديث عنها أحيانًا بصوت منخفض، تُعتبر من أثقل الملفات التي تساهم في كلفة الطاقة داخل المملكة فإعادة فتح هذه الاتفاقيات أو إعادة التفاوض بشأنها قد يكون أحد العوامل المفصلية إذا كان هناك نية لإحداث تغيير جذري في القطاع.

لا يمكن تجاهل جانب الأمن الطاقي كذلك، فالأردن ليس دولة منتجة، وأي اضطراب عالمي ينعكس فورًا على فاتورة الاستيراد وفي ظل الأزمات الدولية، يصبح من الضروري تنويع مصادر الكهرباء والغاز، وتعزيز مشاريع التخزين والاستيراد المرن، وهي خطوات قد نشهد نقاشًا جديًا حولها في العام القادم.

في المحصلة، ورغم أن قرار إعفاء رسوم إعادة الوصل قد يبدو محدود التأثير، إلا أنه قد يشير إلى بداية مرحلة جديدة من التفكير، وربما بداية تحرك تدريجي نحو مقاربة أكثر إنصافًا وكفاءة ولكن تبقى الحقيقة الأهم أن المواطن الأردني لا ينتظر قرارات شكلية، بل ينتظر تغييرًا ملموسًا في الفاتورة وفي جودة الخدمة ويبقى السؤال مفتوحًا هل يكون عام 2026 عامًا لإعادة رسم ملامح قطاع الطاقة في الأردن، أم مجرد محطة إضافية في مسار طويل من الوعود المؤجلة؟

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا