النشوة العابرة

د.الطيب النقر   …..

 

لم يعد الشمل مجتمعاً، والهوى متفقاً، والدار جامعة، هذه هي الحقيقة الجائلة لناظرنا، و «الحاتلة» في ضمائرنا، فالمليشيا المنتشية التي صخدتها الشمس، وصهرتها الهواجر، هي من اختارت بمحض إرادتها الانفصال عن بوتقة الجيش عوضاً عن الوحدة، والحرب الشعواء التي لا تدركها آصرة بدلاً من السلام، وانساقت وراء رجل لا تظهر عليه سيماء الصلاح، أو تتوسم فيه مخايل النجابة، رجل اتضح جلياً أنه لم يكن يعرف إلا الركض في مضمار العمالة، التي قدح زنادها ملهمه في -دويلة الشر-منذ أمد بعيد، فهو وعترته مازالت مواقفهم المخزية شاخصة للعيان، وآخر هيعاتهم المنكرة “هجليج” التي آثرت قواتنا المسلحة الانسحاب منها صيانة لحقول النفط من الخراب والتدمير، فالمليشيا التي فصمت العرى بعد توثيقها، واليمين بعد توكيدها، استرسلت في جهالتها، وأوغلت في عمايتها، وأمعنت في لدد الخصومة، الأمر الذي قاد لحقيقة رسخت في أذهان هذا الشعب الكريم المضياف، مفادها أن هذه المليشيا المشنوءة الذكر، الذميمة الصيت، لا تدركها شفقة بهذا السودان، فكيف لمليشيا أعقّ من ضب، وأحقد من جمل، تترك موارد هذه الديار، دون أن تغرقها في حمأة الهوان، وتسقيها كؤوس الحتوف، كيف لقواتها المغبونة الحظ في العقل، المنقوصة النصيب في الظفر، أن يهدأ له بال، إلا إذا أبصرت السودان رياضاً صوّحت بعد بهجة، وشملاً تبدد بعد اجتماع.
إن الأمر الذي لا يختلج به خاطر، أو يهجس في ضمير، أن هذه البلاد الواسعة الشاسعة، جيشها الجسور لم يغضى على القذى، أو يقيم على الذل، طوال سنوات “التيه” العجاف، وصبر على من ليس لهم جذوة عقل، أو صريمة رأي، أحزاب الحرية والتغيير، حتى نال من جسمه الشحوب، وشاع في نفسه السأم، ولما محق الله توالي تلك الأيام، وقطع دابرها، ابتلانا الله بمليشيا صاحبة لسان طويل، ورأي قصير، هذه المليشيا أبرمت حلفاً مع تلك الدويلة التي تمخض عنه أن تهرع إليها، وتستقر في حضنها، وأن تسفر للسودان عن وجه باسر، وناب كاشر، وأولت صنيعها الذي كان أبعد من الثريا، وأنأى من الكواكب، بهجومِ غادر على هجليج التي سوف تعيدها الجحافل الشهباء، والكتائب الجأواء، إلى حضن الوطن
لا أرى الحسرة تقود إلى شيء، وأزعم أن حماة الحقائق، وأباة الذل، هم وحدهم الذين يستطيعون أن يقهروا شهوات المليشيا، ويضعون لجاماً لنزواتها، نعم جيشنا الجرار الذي لا تناله مذمة، أو تلحقه غضاضة، هو وحده القادر على أن يكفف عُرام “آل دقلو” ويبتر ألسنتهم، أما بقايا النظم، وطرائد الفاقة، وأسرى الخوف، عربان الشتات، فليس لهم مناص سوى الرحيل عن هذه الفانية، فجيشنا الصنديد الصارم، عازم على محق شأفتهم
أتمنى لهم إقامة طيبة في حضيض جهنم.
د.الطيب النقر

قد يعجبك ايضا