احتفلوا بلغتكم

بلال حسن التل ….

 

يحتفل العالم يوم الخميس القادم باليوم العالمي للغة العربية, تنفيذاً لقرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “اليونسكو” الذي اعتبر يوم الثامن عشر من كانون الأول من كل عام يوماً عالمياً للاحتفال باللغة العربية. إستكمالاً للإعتراف العالمي بأهمية اللغة العربية يعد أن قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1973, أعتبار اللغة العربية لغة رسمية معتمدة في معاملات الجمعية العامة للأمم المتحدة والمنظمات المنبثقة عنها.
ونعتقد أن الواجب الديني والأخلاقي والوطني يفرض علينا جميعاً الاحتفال بلغتنا العربية في هذا اليوم ليكون شرارة للاهتمام الدائم باللغة العربية على مدار العام, باعتبارها لغة ثرية وهذا ما يؤكده قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو اللذين يمثلان إعترافاً عالمياً بثراء اللغة العربية ودورها في نهضة الحضارة الغربية والثورة الصناعية، حيث أعتمدت كل منهما على الترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الغربية. ومع ذلك فإن اللغة العربية تعاني من إهمال قاتل من بعض أهلها يتمثل في أستخدامهم للغات أخري غير اللغة العربية في حياتهم اليومية مع أصرار عجيب على تعليم أطفالهم للغات الأجنبية, على حساب لغتهم الأم وهي ممارسة تخالف أبسط قواعد التربية والتعليم المعتمدة عند كل شعوب الأرض, لذلك أنطلق المشروع الوطني للدفاع عن اللغة العربية لوقفِ التراجعِ الذي أصاب استعمالَ اللغةِ العربيةِ ومكانتَها في مجتمعِنا، حتى صرنا نتبادلُ التهانيَ بمناسباتِنا باللغةِ الأجنبيةِ من خلالِ رسائلِ الجوّال. كما أنَّ المارّ في شوارعِنا, يُصعقُ من كثرةِ أسماءِ المحلاتِ الأجنبية, ومن كثرةِ اللوحاتِ الإعلانيةِ المكتوبةِ باللغةِ الأجنبية، مع غيابٍ للغةِ العربيةِ عن مطاعِمنا ومقاهينا وفنادِقنا. بل صار كلُّ طالبٍ لوظيفةٍ يسعى إلى أن تكونَ سيرتُه الذاتية, وكلُّ أوراقهِ الرسميةِ مكتوبةً باللغةِ الأجنبية, وكأنها لغةُ البلادِ الرسمية. كما جاء المشروع لمنعِ انتشارِ اللغةِ الجديدةِ التي صارَ يتخاطبُ ويتراسلُ بها شبابُنا, والتي تُعرفُ (بالعربيزي) لأنَّ انتشارَ هذه اللغةِ يشكلُ خطراً يهددُ هويتَنا الوطنيةَ، وانتماءَنا القوميَّ, ومنظومَتَنا الاجتماعيةَ والقيمية. فالأمةُ التي تتخلى عن لغِتها أو تُهينُها، تتخلى عن وجدانِها وعقِلها وروحِها, وتفقدُ خصوصيَتها وذوقَها العام.
لقد انطلق المشروع الوطني للدفاع عن اللغة العربية ليكون مشروع نهوض حضاري شامل لأمتنا. من خلال سعيه لتحقيق جملة من الأهداف اولها بناءِ الوعيٍ اللغويٍ والتأسيس لنهضةٍ ثقافيةٍ تؤدي إلى نهوضٍ حضاريٍ شاملٍ للأمة. كما يهدف إلى إذكاءِ روحِ الحماسة في الأمةِ نحو لغتِها والاعتزازِ بهذه اللغةِ, ومن ثم مقاومةِ الهزيمةِ النفسيةِ في الأمةِ التي يُعتُبر الموقفُ من اللغةِ العربيةِ أحدَ أهمِّ تجلياتِها. من خلال تغييرِ صورةِ اللغةِ العربيةِ في أذهانِ أهلها من لغةٍ مقعرةٍ خشبيةٍ جامدةٍ إلى لغةٍ سهلةٍ محببةٍ حيويةٍ قادرةٍ على استيعابِ معطياتِ العصر.
كما يهدف المشروع إلى حمايةِ أبنائِنا من خطرِ تغولِ اللغةِ الأجنبيةِ على نموِهم العاطفيِ والعقليِ والجسديِ وقدراتِهم اللغويةِ وحمايتِهم من خطرِ التداخِل اللغوي، وكذلكَ الاختناقُ اللغويُّ ومخاطرُ التأتأة. من خلال التنبيهِ إلى مشكلةِ تراجعِ استخدامِ اللغةِ العربيةِ وتراجعِ احترامِها في الحياةِ اليوميةِ للمجتمعِ ودلالاتِ هذه المشكلةِ ثقافياً وسياسياً واجتماعياً. وذلك من خلال دراسةِ المشكلاتِ التي تواجُه اللغةَ العربيةَ في الحياةِ اليوميةِ لأبناءِ الأمةِ. ومن ثم تطويعِ منجزاتِ العصرِ العلميةِ وأدواتِها للغةِ العربية, ولعل اليوم العالمي للغة العربية يكون حافزاً للكثيرين منا للانتباه إلى أهمية لغتهم العربية وضرورة احترامها.

قد يعجبك ايضا