بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني – فلسطين نموذجًا

بقلم: المحامي عمر زين* …..

في هذا اليوم العالمي 20 كانون الأول، نتوقف جميعًا لنسلّط الضوء على أهمية التضامن الإنساني كقيمة أخلاقية وقانونية عالمية، وهو قيمة ترتبط مباشرة بحق الإنسان في الحياة والكرامة والعدالة. ويزداد هذا التقدير أهمية عندما نتحدث عن شعوب تعيش أزمات مستمرة كالتي يواجهها الشعب الفلسطيني، حيث تتجسد التحديات الإنسانية بشكل واضح وملموس. فالتضامن لا يقتصر على تقديم المساعدات المادية، بل يشمل دعم حقوق الإنسان، وحماية كرامة الأفراد، وضمان حصولهم على الخدمات الأساسية الضرورية لبقاء الحياة وكرامتها. وهنا يتضح أن التضامن الإنساني ليس مجرد شعور أخلاقي، بل التزام عملي يفرضه القانون الدولي والمبادئ الإنسانية.
إن الواقع الفلسطيني يعكس أحد أبرز الأمثلة على التحديات الإنسانية التي تواجهها البشرية اليوم، وهو واقع يوضح كيف تؤثر النزاعات المستمرة على حياة المدنيين الأبرياء. فقد عانى الفلسطينيون عبر العقود من النزاعات المسلحة، والتهجير القسري، والحصار، وقيود الحركة، ما أدى إلى انتهاكات جسيمة للحقوق الأساسية مثل الحق في الصحة، والتعليم، والسكن اللائق. ومن هذا الواقع، يظهر جليًا دور المؤسسات الدولية في مواجهة هذه الانتهاكات، لتوفير الحماية والدعم للفلسطينيين الذين يعانون يوميًا من تبعات النزاع.
وفي هذا السياق، تظل الأمم المتحدة ومؤسساتها الإنسانية، بما في ذلك وكالات الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، من أهم الركائز الدولية لتقديم الدعم وحماية المدنيين، إلا أن هذه المؤسسات تواجه تحديات كبيرة في تلبية الاحتياجات المتزايدة، ما يستدعي تعزيز التضامن الدولي وتضافر الجهود العالمية. وبالتالي، يصبح واضحًا أن التضامن الإنساني الفعّال يجب أن يتحول من مجرد كلمات إلى إجراءات ملموسة، قادرة على حماية الحقوق والحياة اليومية للفلسطينيين.
إن التضامن الإنساني تجاه فلسطين يجب أن يتجاوز الكلمات والشعارات ليصبح فعلًا ملموسًا على الأرض، ويتطلب ذلك ضغطًا دوليًا فعّالًا على جميع الأطراف للالتزام بالقانون الدولي ووقف الانتهاكات، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بلا قيود. ويؤكد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، بما فيها قرار الجمعية العامة 194 وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بحقوق الفلسطينيين وحماية المدنيين، أن حماية الإنسان وكرامته هي واجب عالمي يعلو فوق أي اعتبارات سياسية أو إقليمية، ويجب أن تكون محور عمل المجتمع الدولي. وهنا يتبين أن الالتزام بالقانون الدولي ليس خيارًا شكليًا، بل أساس لتحقيق التضامن الحقيقي وإنصاف المتضررين.
وفي هذا اليوم، نؤكد أن التضامن الإنساني مع الشعب الفلسطيني ليس خيارًا بل واجبًا أخلاقيًا وقانونيًا، ويعني ذلك ضرورة العمل الجماعي والمستمر لدعم حقوق الفلسطينيين، وإنهاء معاناتهم المتواصلة، وتحقيق العدالة والكرامة لهم. كما يتطلب هذا التضامن أن يكون مستندًا إلى التزام حقيقي من قبل جميع الدول والمنظمات الدولية لتحقيق نتائج ملموسة على الأرض، وليس مجرد تصريحات شكلية. وهكذا، تتحول المبادئ الإنسانية إلى أفعال ملموسة تعكس صدق الالتزام العالمي تجاه فلسطين.
إن التضامن الإنساني الحقيقي يتطلب تعاون الدول والمجتمع الدولي، وتعزيز آليات الحماية الدولية، والعمل من أجل مستقبل أكثر عدلاً وأمانًا لكل إنسان على الأرض، وهو ما يجعل من اليوم الدولي للتضامن الإنساني فرصة لتذكير العالم بأن العدالة والإنصاف والكرامة يجب أن تكون قاعدة لكل عمل إنساني، وأن فلسطين تمثل اختبارًا حقيقيًا لهذا الالتزام العالمي.
فليكن هذا اليوم مناسبة لتجديد العهد مع الإنسانية، وللتأكيد على أن التضامن ليس مجرد شعار، بل مسؤولية مشتركة على الجميع العمل بها على أرض الواقع.
تبقى الوحدة الوطنية الفلسطينية هي الطريق للحفاظ على الإنسان الفلسطيني بعيداً عن القتل المباشر والقتل جوعاً وحرب الإبادة وغيرها من الجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني. هذه الوحدة هي الكفيلة بتحرير ارض فلسطين.
*أمين عام اتحاد المحامين العرب (سابقا)
*المنسق العام لشبكة الأمان للسلم الأهلي

قد يعجبك ايضا