الهلافيت السياسيّون وأتباعهم

بقلم: د. تيسير فتوح حجّة  …..

الأمين العام لحركة عداله
ليس أخطر على الإسلام من أولئك الذين اتخذوه سلّماً رخيصاً للصعود إلى كراسي السلطة، ولا أضرّ على صورة الدين من تجّار الشعارات الدينيّة الذين حوّلوا القرآن إلى منشور انتخابي، والحديث النبوي إلى لافتة تعبئة، والله إلى شاهد زور على فشلهم وفسادهم.
الإسلام السياسي، كما تجلّى في تجارب كثيرة، لم يكن مشروع نهضة ولا عدالة ولا تحرّر، بل كان مشروع استحواذ، يقوم على تقديس التنظيم، وتخوين المجتمع، واحتكار الحقيقة، وشيطنة كل من يختلف. هؤلاء لا يرون في الوطن إلا غنيمة، ولا في الشعب إلا قطيعاً، ولا في الدين إلا عصاً غليظة تُرفع بوجه الخصوم وتُخفى عند اقتسام المكاسب.
الهلافيت السياسيون، ومعهم سحيجتهم، لا يملكون فكراً ولا برنامجاً ولا رؤية دولة. كل ما يملكونه قاموساً من المزاودات، ولساناً طويلاً على الناس، وصمتاً ثقيلاً أمام الظلم إن صدر عن جماعتهم. يحرّمون النقد، ويكفّرون السؤال، ويخوّنون العقل، ثم يتباكون على “المؤامرة” كلما انكشف عجزهم.
أما أتباعهم، فهم الوجه الأكثر بؤساً في المشهد؛ يبرّرون الفشل باسم الابتلاء، ويبرّرون الفساد باسم الضرورة، ويبرّرون القمع باسم الطاعة. لا يسألون أين ذهبت الأموال، ولا لماذا ضاعت الأوطان، ولا كيف تحوّل “المشروع الإسلامي” إلى كومة خراب، لأن السؤال عندهم جريمة، والتفكير خيانة.
في المقابل، الإسلام الحقيقي بريء من هذا كلّه. الإسلام الذي عرفناه دين رحمة وعدل وكرامة إنسان، لا دين ميليشيا ولا تنظيم مغلق. الإسلام الذي قال: «ولقد كرّمنا بني آدم»، ولم يقل كرّمنا المنتمين إلينا فقط. الإسلام الذي احترم الاختلاف، وفتح باب الاجتهاد، وواجه الحاكم الجائر بكلمة حق، لا بفتوى تبرير.
الإسلام لم يكن يوماً ضد الدولة المدنية العادلة، ولا ضد المحاسبة، ولا ضد تداول السلطة، ولا ضد حرية الرأي. الذي يعادي هذه القيم هو الإسلام السياسي، لأنه يخاف الدولة، ويخاف القانون، ويخاف المواطن الواعي، ويعيش فقط في ظل الفوضى والقداسة المصطنعة.
إن حركة عداله ترى بوضوح أن أخطر ما أصاب قضايانا العربية والفلسطينية هو خلط الدين بالسلطة، وتحويل العقيدة إلى أداة صراع سياسي. وتؤكد الحركة أن الدين يجب أن يبقى مرجعية أخلاقية وقيمية جامعة، لا سلاحاً بيد فصيل، ولا غطاءً لفشل، ولا صكّ غفران للفاسدين.
نعم، نريد إسلاماً يحرّر الإنسان لا يستعبده، ويبني الدولة لا يهدمها، ويحترم العقل لا يلغيه. ونريد في المقابل أن يُحاسَب الهلافيت السياسيون، وأن يُفضَح خطابهم، وأن يُكسَر احتكارهم للكلام باسم الله، فالله أكبر من تنظيماتهم، والدين أنقى من مستنقعاتهم.

الكاتب من فلسطين

قد يعجبك ايضا