نحن تحت الأسقف الدافئة… وغزة تقتلع خيامها بصمتٍ عربي مخز

محي الدين غنيم   …..

بينما ننعم نحن بالدفء داخل بيوتنا، نراقب المطر من خلف النوافذ، يعيش أهلنا في قطاع غزة فصول العذاب كاملة تحت خيام مهترئة لا تقي بردًا ولا تصمد أمام رياح عاتية وأمطار غزيرة. خيام تطايرت، وأطفال ارتجفوا من البرد، ونساء احتمين بالتراب، وكبار سنّ يواجهون الشتاء بلا دواء ولا غطاء.
المأساة لم تعد حربًا فقط، بل حربًا وجوعًا وتشريدًا وشتاءً قاسيًا يجلد أجساد المنكوبين. وفي المقابل، يقف العالم العربي والإسلامي في سباتٍ عميق، صمتٌ ثقيل لا يليق بتاريخٍ يتغنّى بالشهامة والنخوة. مليارات وتريليونات تُمنح بسخاء لأمريكا والغرب، بينما تُترك غزة وحيدة تواجه الموت البطيء تحت المطر.
أيُّ ضميرٍ هذا الذي يقبل أن يُترك شعبٌ بأكمله فريسةً للبرد والجوع؟ وأيُّ نخوةٍ تبقّت حين تعجز الأمة عن توفير خيمةٍ ثابتة، أو مدفأةٍ، أو مأوى يقي الأطفال قسوة الشتاء؟ إنّ ما يجري ليس عجزًا في الإمكانات، بل غيابٌ فاضح للإرادة، وسقوطٌ أخلاقي قبل أن يكون سياسيًا.
غزة اليوم لا تطلب المستحيل؛ تطلب حياةً تحفظ الكرامة، وسقفًا لا يتطاير، وشتاءً أقل قسوة. التاريخ لن يرحم صمت المتفرجين، ولن يغفر لأمةٍ رأت أبناءها يُقتلعون من خيامهم تحت المطر، واختارت أن تُدير ظهرها.

الكاتب من الأردن

قد يعجبك ايضا