الإسرائيلية ليوم الجمعة 17-2-2017
ما رأيناه أمس هو بالاساس طقوس مخطط لها استعراض ودي منسق وتصريحات متملصة لا يمكنها أن تشهد في شيء على ما سيحصل على المحور بين واشنطن والقدس ورام الله في السنوات القريبة القادمة
بقلم: بن كسبيت
لم يكن هذا لقاءا تاريخيا، مصيريا أو حاسما. فالابتهاجات في اليمين سخيفة وكذا فرك اليدين في اليسار زائد. دونالد ترامب لا يعرف بعد ما يريد من نفسه ومن الشرق الاوسط. فهو رئيس غير متبلور مع إدارة غير متبلورة لم تنجح بعد في ملء شواغر المناصب الاساس حوله، ومن تلك التي اشغلت يستقيلون بفضائح مدوية.
شخصية ترامب معروفة ومكشوفة، وهو غير مدين بشيء لاحد وليس له مشكلة في أن ينقلب على الاصدقاء أو يتنكر للتوافقات أو ينتهك الاتفاقات. فتاريخه التجاري مليء بمثل هذه الاحداث وكل من تابعه في العقود الاخيرة يعرف بان ترامب يرتجل في ظل الحركة.
حتى لو نجح نتنياهو في أن يوقع ترامب أمس على قرض سكن، دون أن ينتبه، فان احدا لا يمكنه أن يضمن بأن تحترم الشيكات. فلترامب قوانين خاصة به، وهو يقررها ولن تكون له مشكلة في ان يلقي بمن يجب ان يلقي به من تحت عجلات باص ما يأتي أولا من أجل تحقيق هدفه حقيقي، الذي هو دونالد ترامب.
وبالتالي، وبعد ان قلنا كل هذا، فان ما رأيناه أمس هو بالاساس طقوس مخطط لها، استعراض ودي منسق وتصريحات متملصة لا يمكنها أن تشهد في شيء على ما سيحصل على المحور بين واشنطن والقدس ورام الله في السنوات القريبة القادمة. نقطة.
بعد ملاحظة التحذير الطويلة هذه، فان الصورة التي انكشفت أمس في المؤتمر الصحفي مختلطة: المؤشرات السيئة لليمين هي حقيقة ان ترامب تحدث عن التزامه بصفقة سلام بين إسرائيل والفلسطينيين وحقيقه انه توجه لنتنياهو وقال انه ينبغي التوقف للحظة بالاستيطان، أليس كذلك؟ كما أنه شرح لنتنياهو بان “على الطرفين ان يتنازلا” في الطريق الى تلك الصفقة الحلمية التي يخطط لها. “أنت تعرف هذا يا بيبي، صحيح؟”، ابتسم ترامب ونتنياهو ابتسم أقل بكثير وفضل التشديد على “الطرفين!”، وترامب أشار في مرحلة لاحقة: “انت لا تبدو متحمسا جدا للمفاوضات”. وكل هذا قيل بابتسامات واسعة وبلغة جسد رومانسية، ولكن محظور النسيان بان لغة جسد ترامب يمكنها أن تتغير في غضون ثوان. فرئيس يصرح في المؤتمر الصحفي العلني الاول له مع رئيس وزراء اسرائيل بان من الافضل التوقف للحظة مع المستوطنات، لا يمكنه أن يكون صديق المستوطنات.
ان ضوء التحذير الذي ينبغي أن يشتعل في اليسار هو حقيقة أن في المرة الاولى منذ اختراع فكرة “حل الدولتين” وقف رئيس امريكي بصوته واظهر عدم اكتراث تام بها. “دولتان، دولة واحدة، كيفما اتفق”، قال ترامب، “ما يتفق عليه الطرفان، يسعدني”.
فضلا عن حقيقة ان احتمال أن يكون ترامب يعرف ما هو “حل الدولة الواحدة”، يقترب من الصفر، وفهمه للمادة مترد جدا، فان هذا القول أثار على الفور حلقات رقص فرحة في المناطق. ها هو، دفن حل الدولتين. نفتالي بينيت، بشغفه الثابت، نشر بيان تأييد فاخر والكل سيلتقي هذا الصباح ليتبادلوا تحية الخلاص في الكنس. وبالفعل أيها الرفاق، لا يبدو لي ان هذا هو الواقع. فعندما سيفهم ترامب من ضد من، وعما يدور الحديث وما هي آثار كل حل كهذا، سيكون أقل بكثير عدم اكتراث مما كان أمس.
السطر الاخير بقي مثلما كان: هذه خطوة واحدة في رحلة طويلة ستشبه لدى دونالد ترامب قطار الجبال. من هذه الناحية، فان وضع إسرائيل أصعب بكثير مع ترامب مما مع كل رئيس امريكي آخر، بما في ذلك اوباما. ثقافته الادارية مختلفة، التزامه بالالتزامات مختلف، الانباء الزائفة مسيطرة في بلاطه وولائه يتغير بوتيرة النار (اسألوا بوتين).
ليس ثمة في هذه المرحلة ما يرحب به، وليس ثمة ما يبعث على الفرح. فنحن لا نزال بعيدين عن معرفة الى اين يريد ترامب ان يسير، مع من ومتى. ولما كان لن يتحقق اتفاق بين اسرائيل والفلسطينيين، فان “صفقة الاحلام”، التي يحلم بها ترامب لن تحصل، و”التسوية الاقليمية” لن تأتي، فالسؤال الحقيقي هو في أي مزاج ستترك هذه الاخفاقات ترامب وماذا سيفعل حين يقف أمام الازمات. من يعرف الاجابة على هذا السؤال مدعو لان يراهن.
معاريف
