براغماتية المليشيا
د.الطيب النقر ….
المسيرات التي انغلقت مليشيا الشر في دائرتها، دون اهتمام بما يحدث في الدوائر الأخرى التي ارتعدت فيها فرائصها وشحب لونها، لأن تلك الدائرة “بالذات” لا ترد المجتمع للأناة والأمان والمهل، وكلما يأخذ الناس بالحياة الوادعة الهادئة المطمئنة، لأجل ذلك دأبت المليشيا “الظبيانية” التي هي على وعي بمقدرات هذه الأمة، وباقتصادها المتهالك الذي أزرت به الهيجاء، وبأداء أسواق أسهمه، والتحركات الخامدة فيه، على استئناف طلعاتها على “الركائز الأساسية للبنية التحتية” لمجتمعها التي تناضل من أجله “كما تدعي”، في ولاية نهر النيل وغيرها من ولايات السودان، “فدولة الشر” التي أباحت لها على وجه صريح لا جدال فيه، أن تستند إلى “نظرة فلسفية” مفادها أن يكون تدمير أنظمة النقل، والمرافق العامة،وشبكات الكهرباء والاتصالات، نسقاً قائماً بذاته، توغل فيه كلما أعياها طول الكدح، والاعياء، والفشل في ساحات الوغى، وفي الحق أن” فلسفة المليشيا البراغماتية” التي ينظر الناس إليها كإطار موحد، بها تيارات شتى، واتجاهات متعددة، تختلف طبيعتها وأشكالها، فالمليشيا التي ننظر إليها نظرة فيها الكثير من الرثاء، وفيها كثير من الازدراء، تؤثر جانب المنفعة، وتغفل جانب الصدق في مزاعمها، تلك المزاعم التي نحتاج لضبط صورها المنطقية، لأنها منقطعة الصلة عن الواقع، لأجل ذلك نحن لا نخفي ميلنا وشغفنا المتزايد إلى نقد منظومتها، وشجب أساليب سلوكها المتطرف.
ومليشيا الدعم السريع التي نعتبر أن”أهدافها” مستقاة من معين خارجي، إذا توخينا الدقة في التعبير، ترى أنها في حرب، والحرب ليس مرهوناً فيها الالتزام بتطبيق معايير أو شروط، بل تقتضي أن تستغرق هي نشاطها في تلك” البربرية الهوجاء” التي أكسبتها ما عُرِفَتْ به من همجية وانحطاط، وأن تمضي في استهداف مرافق توليد الكهرباء وتوزيعها، وأن تهاجم منشآت التعليم والمستشفيات، وأن تزري بالموانئ والمطارات، والأنفاق والسدود، ومصافي النفط، هذه هي اتجاهات مسيرات المليشيا ونزعاتها وميولها، فمسيرات الدعم” الصريع” تريد أن تظل البنية التحتية هامدة راكدة، والشعب الصامد يريدها أن تأخذ حظها في النمو واليقظة، والأخذ بأسباب الحضارة، ومما لا يند عن ذهن، أو يلتوي على خاطر، إن تدمير كل منشأة تحمل صبغة استراتيجية تستوجب التأمين والحماية، هو أقصى ما تستطيع أن تقدمه دويلة الشر للمليشيا من العناية والدفع والتشجيع والاهتمام، ونسيت “الدويلة ومليشتها” أن جيش السودان وشعبه مطبوعين على الصلابة، وأن الشعب والجيش يسيران وفق نظام محكم دقيق، يفضي في نهاية الطريق إلى تحقيق الرضا المنشود، والغاية التي لا يتحقق هذا الرضا إلا بها، هي اجتثاث هذه المليشيا المأفونة من الوجود.
د.الطيب النقر
الكاتب من السودان