«فولكسفاغن» تواجه مزيدا من الدعاوى القضائية على خلفية فضيحة التلاعب في نسبة العوادم قد تكلفها مليارات الدولارات
شبكة وهج نيوز : كلفت دعاوى فضيحة «ديزل غيت» شركة «فولكسفاغن» الألمانية العملاقة للسيارات في الولايات المتحدة عدة مليارات من الدولارات بالفعل، ولكن الشركة لم تفلت بعد من المقصلة.
ففي ألمانيا تقترب الشركة من مواجهة حاسمة في النزاع القضائي الهائل مع مستثمرين، ذلك النزاع الذي يدور بشأن الكثير من المال أيضا، حيث ينتظر من الشركة أن ترد في موعد أقصاه مساء أمس الأربعاء على الشكاوى المقدمة ضدها في القضية الأولية التي تنظرها المحكمة العليا في ولاية سكسونيا السفلى الألمانية في مدينة براونشفايغ، وهو الرد الذي ينتظر منه أن يُفصِح عن الإستراتيجية التي ستتبناها الشركة في الدفاع عن نفسها.
ولا يقتصر حسم النزاع القانوني مع الشركة على مسألة الأطراف التي كانت على دراية بفضيحة عوادم الديزل، وإن كانت هذه المسألة هي أكثر الأسئلة إثارة في الفضيحة.
وتوفر الرسائل الإلكترونية والوثائق التي تحفظ عليها المحققون في الولايات المتحدة نظرة خلف الكواليس، حيث تبين من ناحية أنه كانت هناك بالفعل تحذيرات مبكرة من الفضيحة، ومن ناحية أخرى فإن هذه الوثائق تكشف أيضا عن مدى عدم التيقن بشأن الوضع القانوني للشركة في هذا النزاع وحجم العقوبات المحتملة ضد الشركة.
يقول خبراء قانونيون ان قضاة المحكمة العليا في ولاية سكسونيا السفلى سيحاولون البت فيما إذا كانت الشركة قد قَصَّرَت في واجباتها تجاه أصحاب الأسهم، حيث انهار سعر أسهم الشركة عقب كشف السلطات الأمريكية المعنية أواخر سبتمبر/أيلول 2015 عن الغش الذي ارتكبته الشركة فيما يتعلق بالحجم الحقيقي لعوادم سياراتها العاملة بالديزل، مما جعل بعض الأسهم الممتازة للشركة تفقد نحو نصف قيمتها في وقت من الأوقات، وكبد المستثمرين خسائر فادحة.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل أبلغت شركة «فولكسفاغن» سوق رأس المال بشأن هذه المشاكل في الوقت المناسب؟
يجيب كبار المستثمرين على ذلك بالنفي، حسبما ترى مجموعة «ديكا» المصرفية التي تتولى هنا دور صاحب الدعوى الأولية ضد الشركة، وهي الدعوى التي قد تكون مثالا يحتذي به مساهمون آخرون.
ووفقا للقانون فإن على الشركة المُدرجة أسهمها في البورصة أن تنشر بشكل تلقائي أي معلومات من شأنها أن تؤثر على قيمة أسهمها، وهو ما تقاعست فيه «فولكسفاغن» حسبما يتهمها المحامي أندرياس تيلب، وكيل المدعين.
وقد أعلنت الشركة العملاقة حتى الآن أنها التزمت بجميع القواعد المعمول بها.
ولكن أمر وجود مشاكل في العوادم واشتباه في تلاعب الشركة في حجم هذه العوادم لم يعلن عنه في مقر الشركة في مدينة فولفسبورغ الألمانية، سوى في مايو/أيار 2014 كأقصى تقدير، وذلك عندما تلقى رئيس الشركة آنذاك، مارتن فينتركورن، ولأول مرة ملحوظة بهذا الشأن في بريده.
كما أبلغ كبار المسؤولين في الشركة بشأن عمليات استدعاء سيارات للشركة والتي تنص الاتهامات المقدمة ضد الشركة من قبل منظمات البيئة في الولايات المتحدة على أنها استغلت لتحسين سبل التحايل على القيم الحقيقية لعوادم الديزل.
وما يزيد مصاعب الشركة ان هناك وثائق داخلية عثر عليها المحققون الأمريكيون تفيد بأن بعض الملاحظات والتحذيرات الداخلية من أن برامج سيارات الديزل الخاصة بالشركة يمكن أن تصنف على أنها «أجهزة غير سليمة» تعود لعام 2006، أي قبل وقت طويل من تكشف فضيحة التلاعب بأرقام الانبعاثات الغازيةالضارة لسيارات الشركة العاملة بالديزل.
غير أن الشركة تؤكد أنها لم تكن متيقنة بشأن عدم مشروعية هذه البرامج وبشأن العقوبات والعواقب المتوقعة جراء استخدام هذه البرامج إلى أن خرجت السلطات البيئية في الولايات المتحدة على الرأي العام بهذه الاتهامات.
لذلك فلم يكن من الضروري وفقا لهذه السلطات إبلاغ عالم المال مبكرا بشأن هذه المخالفات.
وتستند الشركة خلال هذه الإستراتيجية الدفاعية أيضا إلى دراسة المخاطر التي قدمتها شركة «يركلاند آند إيليس» الأمريكية للخدمات الاستشارية.
ورغم أن التقرير الخاص بهذه المخاطر والذي جاء في خمس صفحات ذكر أن الشركة لن تفلت على الأرجح من العقوبات في هذه القضية، هناك رجال قانون يطمئنون الشركة تماما بشأن المخاطر المالية المتعلقة بالقضية «فرغم أن قانون المحافظة على نقاء الهواء الأمريكي يذكر عقوبات قصوى، ليس لهذه الحدود القانونية القصوى تأثير مباشر على الحالات التي تتعلق بعدد كبير من المركبات» حسبما يرى هؤلاء.
وأشار الخبراء إلى أن أعلى غرامة مالية فرضتها السلطات الأمريكية في مثل هذه الحالات كانت ضد شركة «هيونداي» وبلغت 91 دولارا لكل سيارة. وبلغ إجمالي ما دفعته الشركة الكورية الجنوبية عام 2014 عند تسوية القضية 100 مليون دولار عن 1.1 مليون سيارة.
وتلقت «فولكسفاغن» هذه المذكرة في السادس من أغسطس/آب عام 2015 . وفي سبتمبر/أيلول 2015 أعلنت السلطات الأمريكية اتهاماتها ضد الشركة وسرعان ما تبين أن الفضيحة تأخذ أبعادا أكبر بكثير مما كان يتوقع.
وفي الثاني والعشرين من سبتمبر الماضي أرسلت الشركة أول بيان «تلقائي» لأسواق المال والمستثمرين، وأعلنت أنها خصصت نحو 6.5 مليار يورو للسيطرة على الفضيحة.
ولا يستطيع ممثل المدعين تيلب في ضوء حجم هذا المبلغ الهائل أن يعتقد أنه لم تتوفر لدى الشركة قبل أربعة أيام فقط من الإعلان بيانات يلزم القانون الشركة بنشرها.
وبلغ إجمالي الأموال التي دفعتها «فولكسفاغن» لغاية الآن في تسويات مع مختصميها في أمريكا الشمالية وحدها أكثر من 25 مليار يورو.
وفي حالة نجاح تيلب أمام المحكمة فربما ارتفع هذا المبلغ بواقع بضعة مليارات أخرى.
وكان من المقرر أن تبدأ جلسات القضية الشهر المقبل، ولكن تم تأجيل بدء النظر فيها إلى الثالث من سبتمبر/أيلول بطلب من «فولكسفاغن».
يطالب أصحاب الدعوى الأولية المقدمة لدى محكمة براونشفايغ في ألمانيا بتعويضات بقيمة 3.1 مليار يورو. وتلقت محكمة براونشفايج نحو 1600 دعوى حتى الآن. وتبلغ قيمة التعويضات التي تتضمنها إجمالي الدعاوى القضائية البالغ عددها 1650 دعوى أكثر من تسعة مليارات يورو.
المصدر : د ب أ
