ارتياح داخلي لنجاح الدبلوماسية اللبنانية في الإفراج عن أسرى لدى إسرائيل

شبكة الشرق الأوسط نيوز : أثار إفراج إسرائيل عن خمسة أسرى لبنانيين، بينهم أربعة مدنيين وعنصر من “حزب الله”، ارتياحا واسعا في لبنان. ورأت أوساط سياسية في هذه الخطوة نجاحا للدبلوماسية اللبنانية، التي أثمرت بفضل جهود رئيس الجمهورية جوزف عون وحكومة نواف سلام، والضغوط التي مارساها عبر القنوات الأمريكية.

ويعتبر هذا التطور خطوة نوعية في مسار وقف الانتهاكات الإسرائيلية، وتسوية النزاعات الحدودية، ومعالجة استمرار وجود الجيش الإسرائيلي في خمس تلال جنوبية لتفادي تعقيد الأوضاع.

وتترقب الأوساط عينها رحلة المفاوضات التي تم الإعلان عن البدء بها من خلال تأليف ثلاث مجموعات عمل للتفاوض حول ثلاث قضايا: النزاعات الحدودية البرية بين إسرائيل ولبنان، وقضية الأسرى اللبنانيين المحتجزين لدى إسرائيل، وشروط انسحاب إسرائيل من خمس نقاط متبقية في جنوب لبنان، بحسب ما قال مسؤول في البيت الأبيض لموقع “أكسيوس” وما أفادت به المبعوثة الأمريكية مورغان أورتاغوس.

الدولة قادرة

وتعليقاً على هذه المستجدات، قال رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل “يتأكد يوماً بعد يوم أنه متى اكتمل عقد المؤسسات وحضرت الدولة بكل سلطتها في الملفات السيادية، تحققت الإنجازات. من وقف إطلاق النار إلى الانسحاب الإسرائيلي إلى إعادة الأسرى وصولاً إلى مفاوضات ترسيم الحدود، كلها إثباتات على قدرة الدولة على تحقيق المصلحة الوطنية دون منّة من أحد”. وأضاف “كل الدعم للرئيس جوزف عون والدبلوماسية اللبنانية على الجهود لتثبيت السيادة، وحصر السلاح بيد الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية”.

بدوره، كتب النائب فؤاد مخزومي عبر منصة “إكس”: “الإفراج عن الأسرى اللبنانيين الخمسة الذين احتجزتهم إسرائيل خطوة متقدمة على طريق استكمال تنفيذ وقف إطلاق النار والتطبيق الكامل للقرار 1701 واتفاق الهدنة، وترسيم ما تبقى من نقاط خلافية على الخط الأزرق”.

ورأى مخزومي “أنها البداية لتحمل الدولة اللبنانية حصراً مسؤولية حماية سيادتها وحدودها ومواطنيها واسترجاع أرضها، فليس من طريق لتحقيق هذه الأهداف سوى إقامة الدولة القوية والفعلية وهذا ما أثبتته عملية استعادة الأسرى”.

كما وجه شكره “للجهد الذي بذله المسؤولون اللبنانيون”، داعياً “الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا للاستمرار في دعم لبنان عبر متابعة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701 والقرارين 1559 و1680، والعمل على الانسحاب الإسرائيلي الكامل من لبنان”.

وختم مهنئاً “الأسرى المحررين وعائلاتهم”، آملاً “في الاحتكام إلى دولة نلتقي فيها جميعاً تحت ظل المؤسسات”.

أما عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب بيار بو عاصي، فقد أشار إلى أن “ما بين الدبلوماسية اللبنانية و”حزب الله” هوة سحيقة”. وأضاف: “دبلوماسيتنا تعمل على تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، في حين أن “حزب الله” لم يقم بأي عمل لتحرير مزارع شبعا وكفرشوبا والغجر على مدى ربع قرن وأكثر”.

وتابع بو عاصي قائلاً: “آخر همّه. كل ما يسعى إليه هو ادعاء المقاومة للإبقاء على سلاحه خدمة للمشروع الإيراني الإقليمي على حساب لبنان وشعبه”.

الهدف هو التطبيع

في المقابل، لوحظ أن “حزب الله” لم يصدر أي تعليق رسمي على خطوة إطلاق سراح الأسرى الخمسة، إلا أن بعض مناصريه قللوا من أهمية هذا الإنجاز، مشيرين إلى أسئلة لم تجد إجابة، مثل: ماذا عن باقي الأسرى والنقاط الخمس المتبقية؟ واستهداف كوادر “الحزب”؟.

وتزامن ذلك مع تركيز الإعلام القريب من “حزب الله” على تصريحات المبعوثة الأمريكية حول تشكيل ثلاث مجموعات عمل دبلوماسية لمعالجة القضايا العاجلة، إذ رأى البعض في ذلك “مقدمة لإطلاق مفاوضات لبنانية-إسرائيلية تهدف إلى التطبيع”.

وجاء في صحيفة “الأخبار” أن “الولايات المتحدة تبدو مستعجلة لإطلاق مفاوضات سلام مع لبنان وسوريا، وهو ما سبق لمبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف أن تحدث عنه أخيراً، معرباً عن التفاؤل حيال إمكان انضمام السعودية إلى الاتفاق الإبراهيمي”.

وأوردت الصحيفة “أن التعريف الذي أعطته الولايات المتحدة لهذه الفرق، بأنها دبلوماسية، أي إنها ليست تقنية أو عسكرية، يعني أنها تريد من لبنان أن ينتدب دبلوماسيين أو سياسيين لحضور اجتماعات مع دبلوماسيين أو سياسيين إسرائيليين، بحضور أمريكا وفرنسا وإشرافهما ورعايتهما، للبحث في العناوين الثلاثة”.

وأضافت الصحيفة “قبل أن يخرج علينا غداً من يطلب منا الصمت وترك الدبلوماسية تعالج مشكلات لبنان، ينبغي توضيح بعض النقاط: أولاً، ليس هناك على الإطلاق ما يوجب على لبنان القبول بهذه الصيغة، وهو يعرف أنها مجرد حيلة، وأن مجموعات العمل ليست سوى الاسم الحركي لمفاوضات التطبيع. ثانياً، إن تحرير الأسرى أمر بديهي، وليس لدى لبنان أسرى صهاينة ليبادلهم أو حتى يكون هناك تفاوض أو شروط، والعدو هو من خطف الأسرى اللبنانيين من قراهم في الجنوب أو من مكان إقامتهم في ساحل جبل لبنان. ثالثاً، إن النقاط التي بقي جيش الاحتلال فيها هي أراضٍ لبنانية احتُلت بالقوة، ولا يوجد أي اعتبار أمني أو عسكري يبرر بقاءها تحت الاحتلال سوى الضغط على أهالي القرى الحدودية لمنع عودتهم إلى قراهم ومنع عملية إعادة الإعمار. رابعاً، إن الحديث عن مفاوضات لترسيم الحدود ليس له أي أساس قانوني، والأمم المتحدة تؤكد حق لبنان في النقاط التي بقي الاحتلال فيها منذ التحرير عام 2000، وبالتالي، المطلوب أن تقوم الأمم المتحدة أو لجنة الإشراف، أو حتى الوسيط الأمريكي، بالحصول على تعهد من العدو باحترام حق لبنان وإخلاء هذه النقاط. خامساً، فتح الباب أمام مفاوضات حول هذه البنود يعني، ببساطة، أن في لبنان من لا يقرأ التاريخ ومن لا يعرف مخاطر خطوة من هذا النوع، وأن في سدة المسؤولية اليوم أشخاصاً عليهم إدراك أنهم يتحملون مسؤولية كل ما ينتج عن هذا المسار التطبيعي، وهي نتائج كارثية بحدها الأدنى، لأن العدو يريد من لبنان أن ينزع سلاح المقاومة بالقوة، وهو ما يقود إلى حرب أهلية، عدا أنه لا توجد في لبنان قوة قادرة على القيام بهذه المهمة، ومن المفيد هنا تذكير من يجب تذكيره، بأن الرئيس عون نفسه قال للأمريكيين بعد الحرب إنه ليس عليهم أن ينتظروا منه القيام بما عجزت أمريكا وإسرائيل عن القيام به ضد حزب الله”.

“القناة 12” الإسرائيلية

وعلى المقلب الاسرائيلي، أشار مصدر سياسي للقناة 12 الإسرائيلية، على خلفية المفاوضات التي افتتحت مع لبنان على الحدود، إلى “أن المحادثات مع لبنان هي جزء من خطة واسعة وشاملة، وأن سياسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد غيّرت بالفعل الشرق الأوسط، ونحن نريد أن نواصل هذا الزخم ونصل إلى التطبيع مع لبنان، وكما أن للبنان مطالبات بشأن الحدود، فإن لدينا أيضاً مطالبات بشأن الحدود، سوف نناقش الأمور”.

ميدانياً، نفذت قوات إسرائيلية عملية تمشيط واسعة باستخدام الأسلحة الرشاشة في تلة حمامص في قضاء مرجعيون، بالتزامن مع قيام جرافات إسرائيلية بعملية تجريف ورفع سواتر ترابية داخل الأراضي اللبنانية في منطقة الجدار في أطراف بلدة رميش، بحماية دبابات “ميركافا”. كما حلّق الطيران المُسيَّر فوق جبل لبنان، بيروت، الضاحية الجنوبية، والجنوب.

كذلك، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على المزارعين والعمال في بساتين سردا جنوباً. وفي وقت لاحق من بعد الظهر، تقدمت دبابتا ميركافا باتجاه منطقة الحلواني عند أطراف بلدة راميا في قضاء بنت جبيل. كما حلّقت طائرة مسيّرة إسرائيلية في أجواء مدينة بنت جبيل وبلداتها، وبثت عبر مكبر الصوت تسجيلات تحرض على “حزب الله”.

بلاسخارت

كانت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس – بلاسخارت، قد زارت تل أبيب قبل أيام قليلة، وعادت إلى بيروت حيث التقت رئيس الحكومة نواف سلام. وتم خلال اللقاء بحث آخر التطورات السياسية والوضع في الجنوب، بالإضافة إلى استكمال تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701.

كما زارت بلاسخارت رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، حيث تم متابعة الأوضاع العامة والمستجدات السياسية والميدانية في ضوء استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من الأراضي في الجنوب اللبناني، والخروقات المتواصلة للقرار 1701 ولاتفاق وقف إطلاق النار.

وفي السياق ذاته، استقبل رئيس المجلس، نبيه بري، كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الأدميرال إدوارد ألغرين، والوفد العسكري المرافق، بحضور نائبة السفير البريطاني لدى لبنان، فكتوريا ضن.

المصدر : القدس العربي 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.