الشجعان يربحون معركة

حسن بلهويشات

أهٍ أيتها الجدّة
لم تحتفلي ولو مرّة واحدة بعيد ميلادك
أو برأس سنة ميلاديّة أو هجريّة
لم تطفئي شمعة
ولا وضعتِ سكّينا فوق حلوى
تركتِ كلّ شيء لله والطبيعة
وجلست تمشطين شعركِ بالأصابع
وتدهنين أطرافه بزيت الطبخ
تضربين أخماسا لأسداسٍ
ثمّ ترفعين رجليك إلى الأعلى على شكلٍ بركارٍ مفتوح
وتقتربين من جدّي ليصعد الهضبة
ويُشهر شموخه الأمازيغي
حدّ أن خالاتي وأخوالي جاؤوا إلى الحياة تباعا
كما لو أنهم خلف الباب ينتظرون من يفتح لهم
كي يدخلوا ويجلسوا حول المائدة
وحتّى حين ذهب جدّي إلى الله
لم تتأخري طويلا وتعقبتِ أثره بالشبق نفسه
بأقراص فضّة رجراجة
بوشمٍ أزرق بين الحاجبين
وما تبقّى تكمله صوّر بالأبيض والأسود
ما أحلى أيامك القديمة يا جدّة !
وما أقسى تغيّرات المناخ هذه الأيام !
وما أقساك أيها العام، وأنت تهمّ بمغادرة حلبة الحياة
مثل ملاكمٍ مهزوم
وأنتَ تجمع أغراضك في صرّة كاِمرأة غلبانة
دون أن نشرب شيئا نخب الموتى
ونترك بقشيشا على طاولة الوطن
أو نلتقط صورة للذكرى
هكذا بعيونٍ منتبهةٍ وضربٍ خفيف على الأكتاف
كشجعانٍ ربحوا معركة
معركة حياتي
ومعركة موتك، وموت الجدّة.

٭ شاعر مغربي

قد يعجبك ايضا