استجابة ملكية تجهض التوظيف
بقلم: د.ردينة العطي
لقد كانت الاستجابة السريعة من قبل جلالة الملك لمطالب الحراك بإقالة الحكومة وتكليفه لدولة الرزاز وإعطاء أولوية للحكومة المقبلة في نقاش ليس قانون الضريبة المثير لجدل فحسب ، وانما المنظومة الضريبية كامله هو مؤشر على ان جلالة الملك على اطلاع واسع على مجمل الأوضاع الداخلية حتى بتفاصيلها الدقيقة، وعندما تطرق جلالته قبل أشهر حول الحفاظ على الطبقة الوسطى كان يلمح الى ان كل ما يمكن ان تتخذه الحكومة من إجراءات او مشاريع قوانين، يجب ان تأخذ بعين الاعتبار هذا التوجه وهو الحفاظ على الطبقة الوسطى.
من هنا جاءت ملاحظاته في لقاءه مع مجلس السياسات بأن هناك تقصير وعدم إدراك لما قدمه جلالة الملك من تحذيرات لحكومة الملقي.
هذا فيما يخص الداخل اما الأهم فهو من وجهة نظري يتمحور حول تفويت الفرصة على التوظيف السياسي الخارجي من خلال استغلال هذا الحراك لضرب تماسك الجبهة الداخلية واستقرارها ، كركيزة من ركائز قوة النظام السياسي الأردني التي يستمد منها تأكيده على ثوابته السياسية فيما يخص القضية الفلسطينية والقدس ورفضه الانجرار وراء صفقة القرن.
ان هذا الخطوة الخلاقة وما جاء في كلمة جلالته بأن الأردن على مفترق طرق ” فأما حياة كريمة واما الذهاب الى المجهول”، والمجهول هنا لا يعني فقط الوضع الداخلي انما المجهول يعني التغير الجذري الذي يمكن ان يحصل على السياسية الخارجية الأردنية، وان الأردن لديه أوراق حاسمه ما زال يحتفظ بها وانه لا قدر الله لو انزلق الوضع الى فوضى فأن المجهول يعني غير المتوقع من الأردن في ثوابت تحالفاته السياسية الخارجية.
فالمجهول يعني خلط الأوراق الإقليمية والدولية الفاعلة في المنطقة وإعادة ترتيب التحالفات فيها.
وهذا بالضبط ما فهمته دول الخليج والتي بادرت الى الاتصال مع جلالته بعد الاتصال المباشر من قبل السلطة الفلسطينية وقطر وذلك من باب الاطمئنان على الوضع السياسي الداخلي والدعم للأردن المادي والمعنوي للخروج من أزمته الاقتصادية وهذا ما جعل بقية دول الخليج من البحرين مرورا بالأمارات وصولا الى السعودية لتعبر عن دعمها لاستقرار الأردن.
نعم لقد أوقف جلالته التوظيف السياسي للحراك المطلبي العادل، حتى لا ينزلق الوضع الى فوضى يخضع الأردن للابتزاز السياسي.
من هنا ندعوا القوى المحركة للحراك بأن تأخذ بعين الاعتبار هذا التخوف بان هناك من يتربص بالأردن ، وان ما حصل من اعتداء على الدرك والذين شهد لهم العالم بقدرة انضباطيه قل نظيرها، من خلال التعاون والتكامل مع الحراك الشعبي، يؤشر الى ان هناك من يحاول ان يدفع للاصطدام بين الحراك الشعبي والقوى الأمنية ،والتي ركزت بكل تصريحاتها على ان وجودها ضرورة لحماية المتظاهرين أولا وهذا ما قاله ولي العهد في زيارته للدوار الرابع ولقاءه مع القوى الأمنية والمتظاهرين ،عندما اكد ان دور القوى الأمنية و اولويتها حماية المتظاهرين ومنع التوظيف السياسي الخارجي لهذا الحراك العادل.
من هنا ندعوا للنشمي الأردني المصاب بالشفاء العاجل والذي تعرض لطعن من قبل المندسين في صفوف المتظاهرين السلميين .ونثمن هنا أيضا استنكار القوى النقابية والأهلية والأحزاب لهذا الحادث .
نعم لقد كان التصرف السريع والاستجابة السريعة من قبل جلالة الملك هو العامل الحاسم في ترجمة مطالب المعتصمين وتجاوزها من ” سحب القانون الى المراجعة الشاملة للمنظومة الضريبية” اي إصرار جلالته على مراجعة كل اليات رفع الأسعار والقرارات الخاصة في قوت المواطن والمنضوية تحت المنظومة الضريبية المعمول بها في الأردن.
حمى الله الاردن أرضا وملكا وشعبا
